نحن أمام حزب وطنى جديد بل أنه أشد ضراوة فهو يستخدم لغة الدين ويصف معارضيه بالكفر لا يفهم الديمقراطية ولا يستوعب الاختلاف وقد ظهر هذا فى عدة مواقف فالإخوان انتقدوا كل من وجه النقد للدكتور محمد مرسى بعد قراره بعودة البرلمان فوجهوا نقداً لاذعاً للمستشار أحمد الزند والمستشارة تهانى الجبالى وكل من خالفهم فى الرأى كانوا من أشد المنتقدين له بل إن الأمر وصل إلى الاعتداء على النشطاء السياسيين والحقوقيين والذين عبروا عن رأيهم بصراحة.. هذا ما أكد عليه العديد من القوى السياسية والليبرالية فى المجتمع معربين عن تخوفهم من بداية عصر جديد لا يعترف بالآخر. وفى بيان لها مؤخرا عبرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء التراجع الكبير فيما يخص حرية الدين والمعتقد فى ضوء هيمنة تيار الإسلام السياسى عليها، إذ تنص المادة 81 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عن أن لكل شخص الحق فى حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنها بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر، ومراعاتها، سواء كان ذلك سرا أو مع الجماعة. فى البداية يقول الحقوقى محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى إن الإخوان المسلمين لا يعرفون الحوار ولا ثقافة الاختلاف موضحا أن الاعتداء على الحقوقى نجاد البرعى، والنائب حمدى الفخرانى أمام مجلس الدولة لا يجب أن يمر مرور الكرام، لأنهما شخصيات عامة، فهذا يؤكد أنه سيكون منهجاً عاماً سيتم استخدامه مع المعارضين والمخالفين فى الرأى لجماعة الإخوان المسلمين وهو مسمار جديد فى نعش الإخوان المسلمين.
وأكد زارع أن انتهاكات الإخوان لمعارضى التيار الإسلامى تستلزم تدخل الرئيس. ويطالب زارع الرئيس مرسى بتوجيه جهات الدولة المعنية الخاصة، والمؤسسة القضائية، بضبط المعتدين والتحقيق ومساءلتهم قانونيا، للتأكيد على أن الرئيس والحزب والجماعة ليسوا على صلة بما حدث، وفى حال عدم تحقيق ذلك، سيؤكد أن هناك كارثة حقيقية ومعناه أنه نموذج قابل للتكرار فى المستقبل ضد أى معارض.
ويوضح زارع أنه أصبح الآن أكثر تخوفا عن ذى قبل، ففور فوز مرسى كانت هناك تخوفات من الجماعة المحظورة ولكن كان هناك أمل بأن من رأى الظلم لا يمكن أن يريه لأحد لكن الأيام القليلة الماضية أكدت على أن الجماعة لم تستوعب الدرس ولم تتعلم من أخطاء النظام السابق وتتعامل مع المعارضين بنفس الطريقة التى كان يتعامل بها الحزب الوطنى، مما يشير إلى أن النهاية ستكون واحدة.
الكاتبة الصحفية فريدة النقاش أكدت أن الإخوان على مدار تاريخهم لم يعرفوا الديمقراطية وكما قال مرشدهم حسن البنا: ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين، فالإسلام أهم مبادئه الشورى، أى الديمقراطية وسماع الآخر وتفهم موقفه لكنهم لا يطبقون مبادئ الإسلام إلا فى الأمور الشكلية لعل التاريخ القريب يهدينا للتعرف على الكيفية التى تعامل بها دعاة الإسلام السياسى مع مبادئ الشريعة، تلك المبادئ التى تشير إلى القيم العليا من العدل والرحمة والمودة واحترام كرامة الإنسان الذى كرمه الله سواء كان مسلما أو غير مسلم، بينما تتعلق الأحكام بإقامة الحدود، أى قطع أطراف السارق ورجم الزانى والزانية وهى جميعا إجراءات عقابية بدنية أدانتها الإنسانية كلها بعد أن نفرت منها، حتى أن عشرات الدول فى العالم ألغت عقوبة الإعدام لأنها منافية للإنسانية.
وحتى فيما يتعلق بالمبادئ فإن النص عليها فى الدستور فشل فى الحيلولة بين متطرفى الإسلام السياسى ومعتدليهم وبين التحريض على القتل باسم الدين، سواء قتل المفكرين الأحرار كما فعلوا مع «فرج فودة» وحاولوا مع نجيب محفوظ، وتشير النقاش إلى أن تعدى الإخوان على رموز المعارضة وانتقادهم لمن يخالفهم الرأى أمر خطير ويضع المعارضة فى مأزق، فالمعارضة تم تهميشها والتعامل معها بعنف على مدار الثلاثين عاما الماضية ومن الواضح أن التاريخ سيعيد نفسه من جديد مالم تنتبه القوى الليبرالية الموجودة على الساحة لتوحيد صفها.
يقول الدكتور عبدالجليل مصطفى رئيس الجمعية الوطنية للتغيير: لا ينبغى لنا أن نعمم فى أى مسألة، فالتعميم دائماً يؤدى إلى نتائج سيئة ولكن نستطيع أن نحكم على الأحداث بمضمونها واختلاف الرأى شىء وارد، فمن حق الناس أن تختلف مع بعضها لكن من واجبهم حينما يعالجون حريتهم فى التعبير عن آرائهم المختلفة لابد أن يتم من خلال احترام كل طرف للأطراف الأخرى ولا يكون هناك اعتداء باللفظ أو إهانة ولا سباب ولا تكون هناك اتهامات مرسلة لأن فيه «أصول» وحين تتبع الأصول وكلها أشياء يحددها العرف واللياقة والقانون أيضاً فهناك مرجعيات لابد من احترامها عندما نختلف سويا أو نتحاور سويا إلخ.. عندما يكون قد وقع اعتداء على شخص ما خلال مناقشة، فهذا خطأ بالتأكيد لابد أن ندينه ولابد أن يحاسب من يقوم بهذه الانتهاكات وهذا الخروج عن الأصول والقانون والقواعد.. ويضيف دكتور عبدالجليل ردا على اتباع الإخوان نفس سلوك أعضاء الحزب الوطنى المنحل قائلا: الأخطاء لا يجب أن نعلقها على فئة من الناس فى ظرف معين باعتبار أن كلهم يتصرفون هكذا وأن من قبلهم فى الحزب الوطنى كانوا يفعلون ذلك.. لا نستطيع أن نقول ذلك التعميم دائماً سيوصلنا إلى نتائج خاطئة لذلك أنا أقول يجب أن نعالج كل ظاهرة بحجمها ومضمونها حتى تكون الأحكام مناسبة ولا تبقى الحكاية إطلاقات.. نحن لن نخترع الدنيا من جديد، فالأصول معروفة وكل شىء له قواعد وحدود وإطار معروف الالتزام فيه يكون واضحا والناس ترضى به ولا يكون سهلا أن ينتقدوه أو يدينوه إنما الخروج عن الأصول، فالناس من حقها الاستمتاع بحريتها دون الاعتداء على حريات الآخرين أيا كان هذا الاعتداء سواء باللفظ أو الإشارة أو بالعنف أو إلخ.. فيمكن القول أن بعض الإخوان قد أخطأوا فى ظرف معين فى كذا أو كذا وهذا أمر مرفوض ويجب أن ندينه ونطالب أن هذا الأمر يتوقف ما هو لازم نعيش مع بعض فى مصر يا أستاذة ولابد أن نكتشف الطريقة التى يجب أن نعيش بها مع بعض بشكل محترم كما فى كل الدنيا.
أما دكتورة مارجريت عازر عضو مجلس الشعب عن حزب الوفد فتقول: خلينا واضحين أن المجتمع كله ليست لديه ثقافة الاختلاف وكل من يختلف معنا فى الحوار يكون عدوا لنا ونبدأ نهاجمه هجوما شرسا وللأسف الشديد أن هذا يدعم فى الشارع.. شىء غريب أن كل ما تنتقد شيئا وتقول رأيا فى شىء يتخيل من أمامك أنك مختلف معه فى الأيديولوجية أو المرجعية، أنك عدو له وليس أنك تقول هذا الرأى حتى تصلح أو نصل لنتيجة أصح، لكن للأسف الشديد.. فليس الأمر بسبب المستشارة تهانى الجبالى أو حمدى الفخرانى عضو مجلس الشعب ولكننا نستطيع أن نلحظ ذلك من خلال ميدان التحرير.. فحزب الحرية والعدالة كان مستحوذا على البرلمان وأصبح مرشحه رئيسا للجمهورية، فمن المفروض أن تكون لديه آليات أن يختلف وأن يعبر عن نفسك وليس عن طريق الميدان ولكن الإخوان محتشدون فى الميدان لماذا؟ لا أعرف.. هل أنت كحزب حرية وعدالة تضغط على الشارع أم هو استعراض قوة؟! أنا لا أستطيع أن أعرفه هل أننا فى مرحلة أن ضغط الشارع أصح ولا أنت واعد الناس بمائة يوم ولكن المفروض تبدأ بأى والناس تشعر به؟.. أنا أرى أن ثقافة الاختلاف تدعم فى الشارع بشكل قوى ولم يعد لدينا ما يسمى بتقبل الآخر بكل معطياته هذا يحدث فى الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور.. هذا يحدث فى الاختلاف مع حمدى الفخرانى و مع النواب الذين يقولون إننا يجب أن نحترم القانون ونصبح دولة قانون وهذا يحدث فى كل المجالات بالتالى تدعم هذه الفكرة عند كل من حولك.. فهم يتعاملون بنفس سياسة الحزب الوطنى المنحل.. سياسة التكويش والاستحواذ وعدم تقبل الآخر وعدم تقبل النقد والاستماع فقط لطرف واحد الذى أنت تريده أو من يأتى على رغبتك وهواك هو نفس النظام السابق بالضبط.. وللأسف هم لا يعرفون التعامل مع معارضيهم لأنه من المفترض أن تستمع لوجهة النظر الأخرى وتدرسها لصالح من ولماذا؟ فليست كل المعارضة معارضة مغرضة.. اليوم غرضنا كلنا الخروج من عنق الزجاجة وبالتالى من يعارض لديه سياسة المعارضة السليمة.. لو أخطأت يجب أن يوضح الخطأ وأن أصبت يجب أن نشكرك ونتعاون معك وهذا ما قلناه من أول دقيقة ومش ممكن هنخلل فى الأخطاء وهم لا يستعيبون ذلك ولا يستطيعون طمأنة الناس، فنحن نحتاج إلى طمأنة الناس، فمثلا أنا أود أن أعرف هل لو كان من وجهة نظرك ألا ينبغى حل المجلس ككل، فالوقت غير مناسب أن تقسم الشارع إلى نصفين.
أما الكاتب الصحفى صلاح عيسى فيقول: ليس هناك ما يدل دلالة قاطعة على أن الإخوان قد نفذوا العملية الخاصة بالمهندس حمدى الفخرانى وبغيره ولكن من الوارد طبعا أن يكونوا هم الذين قاموا بها بشكل عام نحن بما فينا الإخوان ضائقو الصدر بالاختلاف السياسى.. الواضح أن هناك قوة سياسية بما فيها الإخوان والسلفيون وأنصار حازم أبوإسماعيل وغيرهم من جماعات الإسلام السياسى كانت تقرر أن تستخدم شكلاً من أشكال العنف اللفظى والعنف البدنى ضد الذين يتحمسون أو يسعون لحل مجلس الشعب أو يؤيدون قرار حل مجلس الشعب وهذا ظهر فى تصريحات قادتهم فى الفضائيات عنف لفظى شديد وتصريحات جماهيرهم التى احتشدت فى المليونية التى أقيمت فى ميدان التحرير ضد المخالفين وتحديدا المستشار الزند والمستشارة تهانى الجبالى وضد كل من له صلة وضد أعضاء ورئيس المحكمة الدستورية العليا بشكل واضح كان الموضوع يستفزهم جداً وكان من الوارد أن يكون قد أدى إلى هذه الممارسة للعنف ضد المختلفين فى الرأى.. هم بشكل عام ليست لديهم ثقافة الاختلاف ولم يتربوا على ذلك هم تربوا على فكرة أنه لابد من أن يشعروا بالاستعلاء على الآخرين باعتبار أنهم يؤمنون بالله ويدافعون عن الله عز وجل وأنهم أفضل من أى جمهور آخر أو أى تفاصيل سياسية أخرى تكون موجودة فى المجتمع وهذا يدفعهم إلى أن يكونوا من الفاشية وهذا كان معروفا عنهم على الأحوال فى الأربعينيات فى الجامعة مع اليساريين والليبراليين ويمارسون العنف ضدهم وكانت معروفة عن أعضاء الجماعات الإسلامية فى السبعينيات الذين كانوا يمارسون العنف يضربون الناس بالجنازير والسلاح الأبيض.