مثله مثل الوضع السياسى.. ولن يستقر الوضع الكروى إلا بعد استقرار أحوال البلد.. وهذا أمر مشكوك فيه على الأقل فى المدى القريب.. ولهذا لم يكن غريبًا أن يبدأ المحترفون فى الأندية الكبيرة فى البحث عن بدائل من الآن. وهكذا قرأنا أن أحمد فتحى وحسام غالى وغيرهما يبحثون عن عروض للعب فى أوروبا قريبًا لأنه من المستبعد جدًا فى ظل الظروف الحالية أن تكون هناك مباريات رسمية حتى فى الموسم القادم .. وبفرض أن هناك موسمًا جديدًا، فسيتم تأخيره بقدر المستطاع لأبعد مدى لأن الجهود كلها ستكون مسخرة من أجل إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعى فى الشارع الذى يغلى على كل المستويات.
وحتى بعد إعلان نتائج انتخابات رئاسة الجمهورية فستكون هناك ردود أفعال إيجابية وسلبية على كل المستويات.. فالحاصل الآن أن الكل لا يعجبه شىء حتى اللعبة الديمقراطية غير معترف بها قبل أن تبدأ الانتخابات.. فهناك من يؤكد أنه فى حالة فوز الخصم فإن هذا معناه تزوير واضح، وأنه لن يرضى بالهزيمة وسيطالب الكل بالنزول للشارع من أجل الثورة الثانية والثالثة..
وهذا يؤكد مقولة واحد من النظام السابق أن شعبنا غير مهيأ للديمقراطية، رغم أنه وغيره من أعضاء النظام السابق هم المسئولين عن عدم إعداد هذا الشعب المسكين الذى ظل يعانى تحت وطأة حكمهم على مدار الثلاثين عاما الماضية، وتركوه يعانى الفقر والجهل والمرض، فكيف يتسنى له أن يعرف ويتعلم قواعد اللعبة الديمقراطية!
حتى فى المستوى الكروى، لم نعد نعترف بالهزيمة، الفريق المهزوم الآن لا يرضى بالهزيمة ويعلنها حربا على الحكام وعلى إدارة الكرة - وعلى كل شىء.. الارتباك الحاصل الآن مسألة طبيعية ومتوقعة، وكل الأطراف تعرف أنها متوقعة.، ولكن الكل يتكلم ويتكلم، وليس هناك أى شىء الآن إلا الكلام!
الثوار الحقيقيون الذين قاموا بالثورة تركوا الميدان وتحولوا إلى مذيعين ومقدمى برامج توك شو فى الفضائيات، وتحولنا كلنا إما إلى متفرجين على هذه البرامج أو متكلمين فيها.. ورغم أن الكل أيضا أعلن عن زهقه وملله من هذه البرامج إلا أنه فى النهاية لا يلجأ إلا إليها حتى يعرف ما يجرى فى أنحاء المحروسة على مدار اليوم!
الوضع الكروى مرتبك، وليس أمام الجمهور إلا الانتظار، لأن المباريات ستكون مقصورة على مباريات الأهلى والزمالك فى البطولة الإفريقية بدون جمهور، وحتى مباريات الفريق القومى المصرى فى تصفيات كأس العالم ستكون بدون جمهور أيضا!
لكن عشاق الكرة ستكون أمامهم فرصة أخرى لمشاهدة الكرة الحقيقية بعد أسابيع عندما تبدأ البطولة الأوروبية، وهى البطولة الأهم بعد كأس العالم، وربما تكون أقوى منها لأنها تضم النخبة الكروية العالمية فعلا.
فرصة للتسلية والمتابعة، ومحاولة نسيان ما يجرى حولنا، رغم أن الهروب مسألة تبدو شبه مستحيلة، ونحن محاطون بكل هذا العبث!