الأفلام البوليسية عادة تجذب الجمهور، وهناك كثيرون يبحثون عن هذه النوعية من الأفلام الأجنبية لكي يحصلوا علي قدر وافر من المتعة، وفي مصر إذا لم تكن هذه النوعية مصنوعة بشكل جيد ينصرف الجمهور عنها، ومنذ خمس سنوات تقريبا قدمت «ساندرا نشأت» فيلم «ملاكي إسكندرية» ومن خلاله قدمت موضوعا شديد الحبكة عن جريمة قتل غامضة وفيه أعادت اكتشاف غادة عادل ونور اللبنانية، وظهر أيضا أحمد عز بشكل مختلف، وبعد هذا الفيلم بدا المخرجون ينظرون بشكل مختلف لأبطاله ولم تعد غادة عادل لنوعية الأفلام علي غرار حمادة يلعب، وبالفعل أصبحت تهتم باختيار أدوار تضيف لها سواء مع نجوم الملايين أو مع مخرجين بحجم محمد خان. خلال الفترة القصيرة الماضية شاهدناها في دورين من أجمل ما يمكن، أولهما ابن القنصل مع أحمد السقا، والتي أكدت من خلاله أنها مع الدور الجيد ومع كيفية معالجة الموضوع والثاني كان من خلال فيلم الوتر الذي جسدت من خلاله شخصية الفتاة مايسة عازفة الكمان التي تشير إليها أصابع الاتهام في مقتل حسن راغب الموزع الموسيقي الذي لعب دوره أحمد السعدني ومن خلال الأحداث نكتشف الرواسب النفسية التي نشأت منذ طفولتها عندما كان والدها يسرف في تدليل شقيقتها الصغري منة أروي جودة وبعد رحيل والدهما تتزوج الأم سوسن بدر من رجل لا يتردد من ممارسة زني المحارم مع الابنة الكبري، ولأن الأخت الصغري عازفة تشيللو طبيعي أننا نجدها أيضا متورطة في جريمة القتل التي استخدم فيها القاتل وتر آلة موسيقية، وتبدأ لعبة البحث عن القاتل من خلال ضابط المباحث محمد نسيب مصطفي شعبان الذي نعرف فيما بعد أنه قتل زوجته بطريق الخطأ أثناء قيام أحد الموديلز باغتصابها في المرسم الخاص بها.. بدون الدخول في تفاصيل الفيلم وحرق أحداثه، نحن أمام فيلم سينمائي جذاب للغاية بمجرد وصول المتفرج للجاني يجد أحداثا أخري تهدم فكرة وصوله للجاني الحقيقي ليبدأ في إعادة التفكير من نقطة الصفر بخلاف مفاجآت ضابط المباحث في قتل زوجته بطريق الخطأ. فيلم الوتر من الأفلام التي ستضيف لكل من شارك به بداية من أبطاله وفي مقدمتهم مصطفي شعبان الذي أكد قدرته علي لعب الأدوار المركبة وتألقه في هذا الفيلم ذكرني بحالة التألق الفني التي شاهدناه فيها بفيلم مافيا للمخرج شريف عرفة، وهذا يعني أن توافر فرصة الموضوع الجيد والمخرج الواعي لابد أن يصاحبها أداء متميز من أبطال أي فيلم، وهذا ما تحقق مع كل أبطال فيلم الوتر غادة عادل لا أتخيل أي ممثلة أخري تستطيع تقديم دور مايسة عازفة الكمان بهذه الروعة مع الوضع في الاعتبار أن ملامح وجه غادة عادل من الوجوه المعبرة والتي تستطيع إعطاء المتفرج أكثر من تعبير دون الحاجة لاستخدام جسدها في المشاهد التي تتطلب الإثارة، أروي جودة أراها لا تزال صامدة ولا تعمل من أجل الانتشار فهي تختفي بالسنوات ثم تعود في دور جيد لا ينسي، وكان أول ظهور سينمائي لها مع المخرج خالد الحجر في فيلم «مافيش غير كده» لنبيلة عبيد. ثم لعبت دور المدمنة أمام آسر ياسين في فيلم «زي النهاردة» لأحمد الفيشاوي وبسمة. سوسن بدر كعادتها تستطيع أن تجذبك بأدائها مهما صغرت مساحة تواجدها بالفيلم. أحمد السعدني قدم الدور كما هو مطلوب منه أما موسيقي الفيلم فتعتبر بطلا رئيسيا لا يمكن إغفاله نجح فيها بجدارة كل من محمد مدحت وأمير هداية أيضا برع مازن المتجول في التعبير عن حالة الفيلم أما مجدي الهواري فيعتبر فيلمه الوتر من أنضج تجاربه الإخراجية ففيلمه به الكثير من الجماليات التي تستحق التحية بداية من تترات الشريط السينمائي ونهاية بفكر ورؤية المخرج للفيلم بالكامل.