هناك أسماء في تاريخ الإذاعة المصرية لا يمكن نسيانها ولا يجوز المرور عليها مر الكرام إذ كانت جزءاً من تطور هذه الإذاعة وعاملاً من عوامل انتشارها وسبباً في زيادة جماهيريتها.. ومن هؤلاء الإذاعي طاهر أبوزيد الذي فقدته الإذاعة المصرية وفقده الإعلام المصري نهاية الأسبوع الماضي. لم يكن طاهر أبوزيد مجرد قارئ متميز لنشرات الأخبار في الإذاعة ولو كان كذلك لكفاه فقد كان صوته جميلاً وكان أداؤه مميزاً ولكنه كان صاحب أشهر البرامج الجماهيرية في الستينيات وهو برنامج «جرب حظك».. وأكاد أزعم أنه أسس مدرسة البرامج الحوارية الثقافية الترفيهية الخفيفة التي تجمع بين الإمتاع والإقناع وبين الثقافة والتسلية وبين التعليم والترفيه.. ولا أنسي كيف كانت الأسر المصرية تنتظر هذا البرنامج الجماهيري الجذاب. وعندما ترأس إذاعة الشرق الأوسط خلفاً للإذاعية القديرة آمال فهمي خلال الفترة من 1967 إلي 1972 أكد شخصية هذه المحطة الناشئة وجعلها مميزة في أدائها وفي شخصيتها الإذاعية وهو ما أسهم في زيادة شعبيتها وفي جعلها المحطة المفضلة لدي قطاع كبير من المستمعين. وكما كان لطاهر أبوزيد طلته الإذاعية المميزة كانت طلته التليفزيونية أكثر تميزاً إذ قدم البرنامج الجماهيري المشهور «رأي الشعب» الذي انتقل به من الإذاعة إلي التليفزيون وحقق انتشاراً واسعاً وجماهيرية عريضة. وعلي الرغم من اهتمام الإذاعي طاهر أبوزيد بالمنوعات والترفيه بشكل عام فقد كان حريصاً علي اللغة العربية وعلي التحدث بها بشكل صحيح دون تكسير لقواعدها أو هدم في أصولها بدافع التواصل مع الجماهير وبدافع خلق «لون» مميز له كما يفعل كثير من مقدمي برامج المنوعات.. كان طاهر أبوزيد حريصاً علي اللغة باعتبارها مصدر الهوية الوطنية والثقافية.. وفي السنوات الأخيرة أسس جماعة «حماة اللغة العربية» في الإذاعة وأسهم في توسيع دائرة المهتمين بها. رحم الله الإذاعي طاهر أبوزيد علماً من أعلام الإذاعة ورائداً من روادها ونموذجاً يجب استدعاؤه دائماً ويجب إبرازه بشكل دائم لكل من يعمل في مجال «الإعلام المحترم».