الإذاعة المصرية.. تاريخ حافل من التميز والفكر والعطاء.. كانت ومازالت مصدر اشعاع للعقل المصري والعربي.. وفي هذه الأيام تحتفل الإذاعة بعيدها الماسي وينبغي ان نحتفل جميعا معا.. في مصر مواكب اشعاع لا يختلف عليها أحد ربما ظهرت في فترات متقاربة انها جامعة القاهرة.. والصحافة المصرية العريقة.. والإذاعة المصرية.. ثلاث محاور قامت عليها النهضة الفكرية والثقافية التي شيدتها مصر.. والغريب ان هذه المحاور كانت دائما تكمل بعضها البعض.. كنت تجد طه حسين كاتبا في الأهرام ومتحدثا في الإذاعة وثائرا في جامعة القاهرة... ما حدث مع طه حسين تراه في العقاد ولطفي السيد وكبار المثقفين المصريين.. كانت المعارك الفكرية والثقافية تبدأ في الجامعة وتنتقل إلي صفحات الجرائد ثم تسمعها في الإذاعة. هذا الحوار الخلاق وهذا التفاعل بين العقول كان السمة الأساسية لحركة الثقافة والفكر في مصر.. ولاشك ان الإذاعة المصرية بتاريخها الحافل في ايقاظ العقل العربي كانت صاحبة دور ورسالة.. من هذه الإذاعة انطلق الفكر المصري مضيئا في كل أركان العالم العربي.. من هذه الإذاعة انطلقت الفنون الرفيعة والغناء الجميل والموسيقي المميزة.. ومن هذه الإذاعة كان صوت ام كلثوم وعبدالوهاب وكتيبة الفن المصري العربي الجميل جاء الفنانون العرب وانطلقوا بأصواتهم من القاهرة حيث الاشعاع والالهام والفن.. ومن اذاعة القاهرة ايضا كانت صيحات الفكر التي جددت المفاهيم واضاءت العقول كانت تأكيدا للريادة المصرية الحقيقية.. ولا يمكن ان نحتفل بالإذاعة وأعيادها دون ان نذكر الأسماء العريقة من الإذاعيين الكبار مثل محمد فتحي وطاهر أبوزيد وجلال معوض وعبدالحميد الحديدي وصفية المهندس وفهمي عمر وسامية صادق وفاروق شوشة وعلي عيسي ووجدي الحكيم ونجوي أبو النجا وإيناس جوهر ومحيي محمود وعشرات الأسماء التي قدمت الثقافة الجادة والفن الرفيع للإنسان العربي.. كانت الإذاعة المصرية هي المدرسة التي تخرجت فيها بعد ذلك كل الإذاعات العربية التي تمتد الآن علي اتساع الأفق العربي.. هذه الإذاعة الام هي التي شكلت الوجدان العربي بأرقي الفنون واستطاعت دائما ان تحافظ علي تميزها واصالتها وان تخدم الثقافة العربية بكل ما هو جاد وأصيل.