" الإذاعة في عالم متغير" كان عنوان الندوة التي أقيمت علي هامش فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمهرجان القاهرة للإعلام العربي، الذي افتتح أعماله يوم الثلاثاء الماضي، والتي أدارها الإعلامي الكبير صالح مهران، وشارك فيها حسام السكري ممثلاً لهيئة الإذاعة البريطانية B.C.B، وعادل اليازجي (سوريا) وطارق ابو السعود (إذاعة نجوم F.Mمصر) ونبيل غصن مدير البرامج في الإذاعة اللبنانية، وانضمت للندوة قبل نهايتها إيناس جوهر رئيس قطاع الإذاعة (مصر) وعلي الرغم من الإعلان عن اسميهما فقد سجلت الندوة غياب الموسيقار عمار الشريعي وتركي شبانة رئيس قناة "روتانا خليجية". كانت الندوة فرصة ليؤكد المجتمعون أن الوقت قد حان لتغيير مصطلح مستمع أو مشاهد أو متلق واستبداله بمصطلح "مشارك"، بعدما تغير شكل العلاقة بين الطرفين، ولم يعد المستمع مجرد متلق سلبي بل مشارك إيجابي. وكانت الندوة قد قامت علي مجموعة من المحاور المهمة. أولها: خصخصة الإذاعات المملوكة للدولة : تجديد أم مخرج من الخسائر، وثانيها: وضع الإذاعات المملوكة للدولة والمعنية بالأغاني، وإذاعة الأغاني الخاصة، والمنافسة بين الطرفين. وثالثها: تجربة الإذاعات التي تبث برامجها علي ترددات ال F.M التي تقدم مايشبه الخدمة السريعة. ورابعها: تسويق الدراما الاذاعية. أما المحور الأخير فكان معني بتجربة الإذاعات المتخصصة. بدأت الندوة بكلمة للإعلامي عبد اللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار وأمين لجنة الإعلام بالمهرجان قدم من خلالها عناوين الندوات التي ستقام طوال أيام المهرجان مؤكداً أن الندوات كانت تقام ،في وقت من الأوقات، علي هامش فعاليات المهرجان لكنها نجحت في الأعوام الأخيرة في أن تصبح جزءاً اصيلاً من فعاليات المهرجان بل أحد أعمدته الرئيسية، علي حد تعبيره،وبانتقال الميكروفون إلي الإعلامي الكبير صالح مهران بدأت الندوة فعلياً حيث نوه في كلمة سريعة عن مهنة الاذاعة والتليفزيون واصفاً إياها بأنها الأحدث مقارنة بالمهن الأخري الموجودة علي الساحة، إذ لا يتجاوز عمرها المائة عام فقط، لكن التطوير الذي يواكبها هائلاً ومضطرداً بشكل لا تشهده المهن الأخري، التي يمتد عمرها إلي قرون، وعلي الرغم من هذا فالتغيير فيها بطيء للغاية .وبعد استعراض تاريخي لظهور الإذاعة، وماطرأ عليها من تحولات وتغيرات .تساءل "مهران" عما سنفعل بالمستقبل؟ وعما إذا كان وضع الإذاعة سيستمر كما هو أم ستتطور للأفضل؟ من ناحيته أكد نبيل غصن مدير البرامج في الإذاعة اللبنانية أن الإذاعة شهدت مراحل تطور كثيرة بعدما كانت في السابق مجرد نشرات وأحاديث قبل أن تتطور فتقدم البرامج والمسلسلات. وكشف أن الإذاعة لم تكن تتواصل مع جماهير المستمعين ،ولا تحاورهم بشكل مباشر، وبالتالي كانت عاجزة عن عرض قضاياهم علي المسئولين إضافة إلي أن التقنية لم تكن قد وصلت إلي هذا الحد من التطور التكنولوجي الهائل الذي وصلناه اليوم، إذ إن كل شيء كان يجري علي الهواء مباشرة، ولم نأخذ بنظرية التسجيل إلا بعد 10 او 15 عاماً. لكن الحال تغير إلي النقيض بعد التطور الذي طرأ علي الإذاعة فأصبحت الجودة فيها أكبر، ونجحت في استقطاب الجماهير عبر الاتصالات المباشرة، ومحاولة إيجاد حلول لمشاكلهم الاجتماعية مع المسئولين. أما من الناحية السياسية فقد أصبحت تتعرض الي العديد من القضايا كيفما يتاح لها، ومازالت الإذاعة تحتل مرتبة متقدمة في مجالات الاعلام بوصفها الوسيلة الأسرع للوصول الي المتلقي، ومن ناحيتها طورت شكلها وراحت تنتج البرامج القصيرة والجاذبة، وتجري المقابلات السريعة التي جعلتها كالفراشة لتناسب نمط الحياة السريعة الذي نعيشه اليوم ؛خصوصاً إذا علمنا أن التليفزيون يرهق الاعصاب، ولا يستطيع الإنسان أن يجلس أمام شاشته لأكثر من 3 أو 4 ساعات متصلة .واختتم "غصن" بالقول :" المستقبل للاذاعة .. ولابد من البحث عن الطرائق التي تؤكد مكانتها ،وتحفظ لها جمهورها". ولأن ماقاله "ضد التيار السائد" الذي يقول إن الإذاعة ولي زمانها سأل "مهران" الإعلامي السوري عادل اليازجيعن توقعه لمستقبل الإذاعة وما يجب أن تفعله اجهزة الاعلام للحفاظ علي أهمية الإذاعة ،ومساعدتها لتستمر كصرح إعلامي كبير فقال "اليازجي إن هناك مجموعة من المتغيرات طرأت علي جميع الوسائل الإعلامية الأمر الذي يعني تطوير الإذاعة إذ إن التطور التكنولوجي في أدائها لم يواكبه تطور في لغة خطابها الإعلامي بعكس لغة الخطاب الاعلامي التليفزيوني التي تغيرت وتطورت بشكل ملحوظ . وطالب "اليازجي" بضرورة التباحث في لغة خطاب الاذاعة، لأنها علي الرغم من كونها أسهل وسيلة إعلامية وأسرعها، إلا أن تأثيرها محدود، وكثيراً مايخفي علينا ما يدور بالراديو بخلاف التليفزيون، لافتقاد الإذاعة عنصر الجاذبية الذي يدفع المتابع للانتباه لما يدور فيها. وتساءل "اليازجي" في نهاية كلمته عن المردود الذي تحققه الإذاعات الخاصة، وعنصر الجذب المتوافر فيها بما يدفع رجال الأعمال لدفع أموال طائلة لامتلاك محطة إذاعية؟ من جهته أكد حسام السكري ممثل هيئة الإذاعة البريطانية B.C.B أن المتلقي يسعي وراء المعلومة من أي وسيلة متاحة، بل يمكنه الحصول علي معلومات أكثر من ساعات اليوم الواحد، من خلال القنوات والمحطات الإذاعية الكثيرة التي منحت المتلقي الحق في أن يفرض علينا طريقة مخاطبته، موضحاً أن المتلقي كان يخضع في الماضي لآرائنا وأفكارنا لأنه لم يكن هناك غيرنا لكن في ظل هذا الكم الهائل أصبح هو المتحكم، وعليه بدأنا في ترضيته وتقديم ما يريده ،وأصبح التحدي المفروض علينا أن نضيف عنصر الجاذبية علي الموضوعات التي نقدمها كضمان حتي لا يهرب منا، فالتطور التقني لم يجعله مجرد متلق سلبي، وعن طريق الإيميلات أو رسائل الsms والمكالمات الهاتفية أصبح مشاركاً إيجابياً، وله تواجد بآرائه وأفكاره وهناك برامج تقوم فكرتها علي مشاركة الجمهور. وعن رأيه في خصخصة الإذاعات قال: "هناك جوانب إيجابية لهذا الموضوع إذا كان رأس المال يوظف لصالح المستهلك، عبر تطوير برامج وأداء المذيع والأدوات المستخدمة لكن الأمر يحتاج إلي ضوابط ومعايير احترازية لتنظيم المسألة لضمان عدم إساءة استخدام هذه الإذاعات الخاصة ،ويتحول الأمر الي ابتزاز بشكل أو بآخر .وعند هذه النقطة كان لابد من أن يتحدث ممثل لهذه الإذاعات الخاصة فكان لوجود الإذاعي طارق أبو السعود ممثلاً لإذاعة نجوم F.M أهمية بالغة ففاجأ الجميع بتأكيده أن الإذاعة باتت أهم من التليفزيون باعتبارها متاحة في أي وقت، وفي كل الأماكن، وليس في البيت فقط أو أماكن محددة كما هو الحال مع التليفزيون، إضافة إلي أنها غير مكلفة وبسيطة بطبيعتها أضاف:" إذا أردنا أن نقدم إعلاماً مميزاً فنحن بحاجة إلي ميزانية مناسبة مما يتطلب تحقيق موارد، وهي عملية متكاملة تسعي إذاعة نجوم F.M لتحقيقها ".وأكد "أبو السعود" علي ضرورة اختيار كوادر إعلامية قوية، واستخدام لغة خطاب سهلة تصل للجمهور في الشارع بسهولة . وفي نهاية الكلمة حرص الإذاعي الكبير صالح مهران علي فتح باب الحوار مع الجمهور فأشار إسماعيل الشيشتاوي رئيس شبكة الإذاعة الإقليمية إلي تأثير العولمة والمتغيرات الاقتصادية علي الإذاعة. وتمحورت أسئلة الصحفيين حول إمكانية أن تلعب الإذاعات الخاصة دوراً تثقيفياً بدلاً من أن يكون هاجسها الربح فقط ،وطُرح سؤال آخر عن الدور الخطير الذي يمكن أن تلعبه المحطات الاذاعية لو اتجهت إلي تأجيج الصراعات ،واتهم بعض الحضور المحطات الاذاعية الحكومية بالعجز عن استيعاب وتلبية رغبات الجمهور . وعلق الإذاعي الكبير صالح مهران علي احتمالية تأجيج الإذاعات الخاصة للصراعات فطالب بضرورة وجود جهاز يقوم بمراقبة أدبيات العمل الاعلامي.ونوه "السكري" إلي أن بعض الإذاعات الحكومية تلعب نفس الدور ضارباً المثال بما يحدث في العراق. ودافع "مهران" عن نفسه في الاتهام الموجه له بأنه تبني موقفاً مناهضاً ،في الندوة ، لإذاعة نجوم F.M فقال :"أنا مستمع لكل ما هو قديم لكن هذا لا يعني إنني غير راض عن إذاعة نجوم إف.إم وقد تكون هناك غيرة من هذه المحطة الوليدة التي نجحت في وقت قصير في جذب جمهور المستمعين إليها ".