ذكر التقرير الاقتصادي للأهرام أن وزير المالية تنازل عن ثلاثة مليارات وستمائة مليون جنيه ضرائب علي شركات الكبار، وأردف التقرير: أن بعض الشركات دفعت ضرائب 0.5% (نصف في المائة) بدلاً من 20% وغيرها دفع 4.5% بدلاً من 20% وكذلك 2.7% بدلاً من 20% المقررة كضرائب علي الأرباح. ولاحظ التقرير أن الشركات تحقق هوامش ربح فاحشة (لاحظ فاحشة.. وبالطبع من دم الغلابة) كما أنها - أي الشركات - لا تساهم بإيجابية في تمويل أعباء الخزانة العامة بل إنها تستنزف موارد غير متجددة مثل أراضي الدولة والطاقة دون أن يرمش لها جفن، ويكمل التقرير متندرًا: «كأن وزارة المالية ليست في عجلة من أمرها ولا يهمها أمر تمويل موازنة الدولة بقدر ما يهمها التيسير علي الشركات!! ويكاد التقرير يبكي قائلاً:لا يجدي البكاء علي اللبن المسكوب! فلن يعد ذلك مفيدًا. التقرير يصيب المرء بمزيد من الحزن ويدفعه للتساؤل: الشركات تتمتع بأرباح فاحشة.. لماذا إذن لا تسدد ما عليها من ضرائب قلنا انفتاح (علي رأي الراحل أحمد بهاء الدين: «سداح مداح»).. حسنا.. رأسمالية.. كويس.. سوق حر.. عال.. في أمريكا وهي قلعة الرأسمالية وقبلة رجال أعمال آخر زمن.. في أمريكا الضريبة قدس الأقداس التهرب منها لا تعادله جريمة.. ممكن المجتمع يسامح في كثير من أمور.. والقانون أيضًا.. إلا الضرائب.. إلا حق الدولة والمجتمع.. لكن هنا.. أبطال الانفتاح يمتنعون! كل رجل أعمال مصري له الحق والحرية في فرض نظام تسعير إجباري.. بعد احتكار إلزامي، والمواطن المطحون يدفع.. هو فقط الذي يسدد ضرائب وفواتير ودمغات ورسوم وخلافه.. يعني من دم الحي وربما الميت!! ورجل الأعمال ينتفخ ويتوغل وينتشر، ثم تتكاثر المليارات مع التهرب من سداد حق الدولة المذكور.. هكذا علنا مع سبق الإصرار والتنطع.. يا حضرات.. الربح وتنامي ثروة أي مواطن.. لن يضر أحدا طالما كان بالقانون والحلال طالما كان بالمنطق والعدالة.. طالما كان وفقًا لواقع الحال.. حال المصري.. المريض أحيانًا المحروم غالبًا.. المحبط دائمًا.. بفعل ما يراه من سفه البعض الذي يكسب دون مجهود أو حق أو منطق.. وحيث تتكاثر - مع المليارات - قلاع الكومباوند، ووجبات الطعام المستورد ساخنًا، وحفلات زفاف ألف ليلة، وسيارات الهامر، وإعلانات التليفزيون! وبما يشكل فجوة عميقة ومخيفة بين أهل نيوكايرو وأبناء الدويقة وبشتيل! هل تريد نموذجًا للاستفزاز: حصل أحدهم علي توكيل من شركة عطور عالمية.. عند الافتتاح سوف يشرفنا ممثل أمريكي مشهور مع مغنية أكثر شهرة، وقدرت تكاليف حفل الافتتاح، الحفل فقط بثلاثمائة (300) مليون جنيه، لزوم إقامة المشاهير، مع الديكور وأشياء من هذا القبيل (كما يقول الأستاذ: عبدالله كمال). هذا.. ناهيك عن حالات سابقة: ممثل يحصل علي عشرة ملايين جنيه مقابل تمثيل مسلسل وآخر يحصل علي عشرين، وثالث يطالب بأكثر من نظير بطولة فيلم (كأنه بطل تايتانيك)! وكذا.. لاعب كرة درجة ثالثة يطالب بعقد أربعة ملايين جنيه سنويًا بخلاف المكافآت والإعلانات وهدايا «تحت الترابيزة»، وكأنه رونالدو أو ميسي حاليًا.. وربما بيليه أو مارادونا سابقًا.. ولا لعب لدينا ولا يحزنون.. وينكشف اللاعب منهم عند خروجه من مصر. ثم تجد «موضة» المستشارين وهي بدعة مصرية مسجلة.. ربنا يديمها نعمة علي البعض.. تلاقي يا محترم المسئول من دول عنده كذا مستشار، أحدهم كان لديه 18 (ثمانية عشر) في وزارة خدمات.. وتسأل: ليه ده كله؟! والحال كما هو.. لكنها أرزاق يا عزيزي والأمثلة كثيرة.. لا تملك إلا إبداء الأسي إزاءها ثم القول بسخرية، أرزاق! ولا عزاء للمحتاجين في مجالات: العلاج والتعليم والتغذية، ولا عزاء لأصحاب القلوب الضعيفة أو الأعصاب «الرهيفة».. لا عزاء للجميع حيث إن الحكاية مرة أخري: مجرد أرزاق، ولا داعي للحسد يا حضرات.