يجب ألا ينسينا اهتمامنا بالبرنامج النووي الإيراني انتهاكات الحكومة الإيرانية لحقوق الإنسان. في فبراير 1979 وبعد يوم واحد من إعلان انتصار الثورة الإسلامية اقتحم المتظاهرون سجن إيفين الذي لطالما كان رمزا لاستبداد الشاه، وكان عماد الدين باجي، المحامي والمدافع عن حقوق السجناء، ضمن الثوريين المبتهجين الذين أخذوا يتفقدون غرف السافاك، خدمة الشاه السرية، متعهدين بأن يحولوا السجن إلي متحف حتي يستطيع الجميع الاطلاع علي ما فعله النظام البائد. الأمر الذي لم يعرفه باجي هو أن السجن لن يتحول إلي متحف أو أي شيء من هذا القبيل وإنما سيعاود نشاطه المخيف وسيكون هو نفسه ،أي باجي سجين إحدي تلك الغرف بعد عقود. أتذكر باجي عندما قال ذات مرة إن بلوك 209، وهي المنطقة الخاصة بالسجناء السياسيين في إيفين، لم تتغير منذ الثورة غير أن الغرف التي شيدت في الأصل من قبل الإسرائيليين، أصبحت أكثر إحكاما وأكثر قتامة كما أصبحت شبابيكها أصغر. ومنذ الثورة استوعب سجن إيفين الواقع في شمال غرب طهران آلاف الناشطين السياسيين وناشطي حقوق الإنسان وكانت أبشع أيامه وقت مجزرة إعدام السجناء السياسيين 1988 بإذن من آية الله الخميني. وقد تم سجن معظم السجناء السياسيين في تهم غامضة مثل "العمل ضد الأمن القومي" أو "الدعاية ضد نظام الحكم" بعد محاكمات لم تدم سوي بضع دقائق، وفي بعض الأحيان كانت المحاكمات تتم دون حضور محام كما أن بعضا منهم لم يحاكم علي الإطلاق وتم احتجازه بدون تهمة محددة. والمفارقة المريرة هي أن المحامين أنفسهم أصبحوا ضحايا للنظام القضائي الجائر الذي يرسلهم مع موكليهم للسجون ومن بين هؤلاء المحامون ،شاهي صدر، المحامية بحقوق الإنسان والتي تحكي كيف تم اعتقالها ووضعت في نفس الزنزانة التي وضعت فيها موكلتها شيفا نزار أهاري. ليس المحامين فقط الذين يتم إرسالهم إلي سجن إيفين، فالصحفيون والمدونون أيضا يتم إرسالهم إلي هناك، وفي الأسبوع الماضي فقط اعتقل نحو 7 صحفيين من بينهم مهران فراجي الصحفي بجريدة همشهري بالإضافة إلي ريحانة طباطبائي وكيفان ميهريجان وأحمد غولامي وفرزانه روستاي وأمير هادي أنفاري من صحيفة شرغ الليبرالية. ومنذ انتخابات يونيو 2009 تم اعتقال نحو 100 صحفي ومدون مما جعل غيران تحصد لقب البلد الأسوأ في حرية التعبير علي الإطلاق. وفي الأسبوع الماضي تم اعتقال آباء المتظاهرين الذين قتلوا من جراء العنف أثناء الانتخابات بينما كانوا في زيارة لمقابر أبنائهم مثال علي ذلك والد رايمين رامي زانيفار ووالدة صهراب عرابي التي تم إرسالها لسجن إيفين الذي استلمت منه جثة ابنها بعد موته من شدة التعذيب. وعلي الرغم من صعوبة تسريب أي تفاصيل عما يحدث في سجن إيفين يحاول بعض المعتقلين رسم صورة عن الأحداث البشعة التي تتم فيه، بعضهم يرسل برسائل من المستشفي ومن المعتقلين، استطاع كرامي حمزة ،القائد السابق بالحرس الثوري والذي أيد المعارضة العام الماضي أن يكشف بعضا مما حدث له، إذ يقول إنه تعرض للتعذيب الشديد وتم وضع رأسه في المرحاض عدة مرات ليرغموه علي الاعتراف بأنه مارس الجنس مع قريبة إحدي زعماء المعارضة وهو الأمر الذي لم يحدث مطلقا. هناك أيضا ليلي تفازولي والتي ستمضي عامين في سجن إيفين بعد ما شهدت علي الشرطة التي رأتها تصدم أحد المتظاهرين ،بعد الانتخابات، وتدوسه جيئة وذهابا بالسيارة. فرض العقوبات علي إيران وعزلها لن يؤثر سوي علي الشعب الإيراني وسيسمح لحكومة نجاد بالمزيد من الانتهاكات وقمع المعارضة دون قلق من الاهتمام الدولي، وقد يكون البرنامج النووي الإيراني هو الأهم علي الساحة الدولية لكن الأهم لدي الشعب الإيراني هو حياتهم وليس البرنامج النووي الذي يستغله نجاد في صرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان في طهران.. يجب ألا ننسي حقوق الإنسان في إيران. مراسل إيراني لجريدة الجارديان ترجمة أمنية الصناديلي