سمعت عن بعد حيث إني موجود الآن في لندن بأفكار مختلفة لإدخال مفهوم التوازي إلي الحياة السياسية في مصر بعض هذه الأفكار هي مجلس شعب مواز علي سبيل المثال وليس علي سبيل الحصر.. طبعا كل هذه الموضوعات هي خارج تخصصي الدقيق والحقيقة أيضا فوق مستوي فهمي المحدود وتجاربي السياسية المعدومة ناهيك عن مستوي خيالي الذي يعجز عن فهم ما يحدث في السودان وفلسطين والعراق ولذلك لا أدري كيف يمكن أن أساهم في النقاش الموازي مثمرا كان أو لم يكن اللهم إلا إذا تكلمنا عن المفهوم الهندسي للتوازي فهذا فعلا صميم أبحاثي العلمية. التوازي في مفهوم هندسة إقليدس التي وضع أسسها في كتابه الذي أنجزه في الإسكندرية من آلاف السنين هو فرض والتعريف الحديث لفرض إقليدس هو أن خطين يسميان متوازيين عندما يتقابلان في نقطة عند ما لا نهاية إذا طبقنا هذا التعريف الكلاسيكي علي واقع اليوم السياسي نجد أن علينا الانتظار إلي ما لا نهاية لنحصل علي نتيجة ملموسة لنظام التوازي. بطبيعة الحال في الهندسة هناك الآن أكثر من نوع من أنواع الهندسة وكلها بدأت بنقد بناء لافتراض إقليدس عن التوازي علي سبيل المثال هناك هندسة «ريمانية» الخطوط فيها ليست مستقيمة وإنما منحنية ولها تكور مشابه لتكور سطح الكرة هذا النوع من الهندسة ذي الانحناء والتكور هي الهندسة التي استخدمها البرت أينشتين في صياغته لنظرية النسبية العامة لشرح معني الجاذبية. وعلي الرغم من نجاح هذه الهندسة في صياغة معادلات أينشتين إلا أنها سوف يكون لها رنين سيئ أن يقال عن السياسة التي تتبناها هي سياسة منعوجة أو « متكعبلة» ربما كانت أكثر نوع من الهندسة التي لها قبول ومنزلة عندي هي الهندسة الفركتالية التي استخدمها مع كل من زملائي الدكتور جارنت أورد والدكتور لوران نوتال في استحداث نظرية جديدة لتوحيد القوي الأساسية في الكون هذا النوع من الهندسة يمكن أن يطلق عليها اسم هندسة الشواش أو هندسة الفوضي المحددة هل يمكن الاستفادة من هذه الهندس، في السياسة الحالية لبعض الاتجاهات غير المفهومة بالنسبة لأشخاص بسطاء العقول من أمثالي أعتقد أن الإجابة لا لسبب بسيط وهو أننا لسنا بحاجة للخوض في السياسة العالمية الحالية وإذا كان هناك أي حاجة لهندسة فهناك حاجة ملحة لهندسة نظامية تقلل من مقدار الفوضي الحالي بداية من السياسة العشوائية للولايات المتحدة في أفغانستان إلي سياسة البلطجة الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة طبعا قد يكون هناك اعتراض علمي محتواه هو «اشتدي يا أزمة تنفرجي» أي أنه كلما زادت الفوضي فإنه بعد أن تصل إلي أقصي مقدار لها فإنها تنقلب علي نفسها إلي نظام وهو يسمي في النظريات الرياضية «أرجودك». نظرية الفوضي القصوي تدعي أن مقياس الفوضي القصوي هو نفس مقياس النظام وهنا تنغلق الحلقة معني ذلك بلغتنا المصرية العامية السمعية هو وكأنك يا أبوزيد لا رحت ولا جيت أعتقد أن في النهاية كل هذه المحاولات المتوازية مع نفسها لن تثمر عن شيء سوي ما تقوله الحكمة الشعبية البليغة سالفة الذكر.