رتبت الصدمة التي لحقت بجماعة الإخوان "المحظورة"، نتيجة خروجها من مجلس الشعب خالية الوفاض، ردود فعل واسعة داخل التنظيم، عكستها النتائج التي خلص إليها ما يسمي ب"تقرير رفع الواقع" الذي أجرته قيادة الجماعة لمعرفة آراء القواعد، بعد "الخروج الكبير"، وكان من أبرز هذه النتائج وفق ما أفادت مصادر من داخل الجماعة، انتقاد عدد كبير من كوادر الجماعة في المحافظات واللجان النوعية لاتخاذ مكتب الإرشاد بالجماعة قرار الانسحاب من الجولة الثانية للانتخابات البرلمانية منفردا، دون استطلاع رأي المرشحين ال26 أنفسهم. أصحاب الرأي المخالف داخل الجماعة رأوا أن وجود عدد من العناصر يمثلونها داخل المجلس، ولو محدود، كان سيصب في خدمة الإخوان، من خلال تكريس وجودها السياسي كإحدي قوي المعارضة ان لم تكن في مقدمتها، بالإضافة إلي المحافظة علي مؤسساتها التنظيمية وتشتيت جهود الدولة بما يحقق هدف الجماعة العام. مرشد بلا حضور من بين النتائج التي عكسها تقرير رفع الواقع أيضا غياب الدور القيادي للمرشد الحالي محمد بديع بالمقارنة مع مرشدها السابق مهدي عاكف الذي قال عدد من العناصر انه كان يتمتع بدرجة حضور قوية بين الأعضاء تجعله قادرا علي التأثير فيهم وتحميسهم، في مقابل تمتع المرشد الحالي بالصبغة الأكاديمية والتربوية، بما يخرجه عن متطلبات موقعه. تضمنت الملاحظات التي تم رفعها إلي مكتب الإرشاد قبل ايام انتقادا اخر لتراجع حجم الاهتمام الإعلامي والحقوقي العالمي بقضايا الدفاع عن الإخوان خلال الانتخابات الاخيرة بالمقارنة بالانتخابات والفترات السابقة، بما في ذلك المحاكمات العسكرية واعتبرت العناصر الإخوانية تراجع الاهتمام الإعلامي والبحثي الغربي بالجماعة يأتي كنوع من الاستجابة للضغوط التي مارستها الدولة في تحجيم انتشار الجماعة في الداخل والخارج. اشتملت ردود افعال الصف الإخواني علي سؤال للقيادة حول موقفها الداعي إلي التمهل وعدم اتخاذ اجراءات تصعيدية ضد عمليات التزوير التي شابت الانتخابات البرلمانية الماضية، وتساءلت الكوادر هل هذا تكتيك مرحلي ام انه عدم قدرة علي اتخاذ القرار السياسي السليم، ام انه ناتج عن حالة من انعدام الوزن تعانيها الجماعة بعد صدمة الخروج من البرلمان"صفر اليدين" وهو سؤال تعجز القيادة الحالية عن مصارحة الكوادر بالاجابة عليه. خطة ثلاثية المحاور وضعت الانتقادات التي وجهتها كوادر الجماعة للقيادة الحالية التي تسيطر عليها مجموعة القطبيين أو "تنظيم العشرات" وفق تسمية عمر التلمساني المرشد الثالث للجماعة، في موقف لا تحسد عليه وكشفت عدم قدرة القيادة علي اتخاذ القرار السياسي السليم، وهو ما اتضح من خلال الخطة التي وضعتها القيادة الحالية للجماعة للتحرك بعد الخروج من البرلمان، وهي مقسمة إلي ثلاثة محاور: تنظيمي وقانوني وسياسي. تتضمن الخطة الإخوانية في محورها التنظيمي تنشيط اقسام التربية والطلبة ونشر الدعوة، بهدف ربط الجماهير التي احتكت بها الجماعة خلال فترة الانتخابات بالمستويات التنظيمية المختلفة، والتأكيد علي رسالة الجماعة اليهم بأنها ليست جماعة سياسية وحسب وانما تحمل رسالة تغيير شاملة وتحمل الخير لكل الناس، وتنص التعليمات الواردة في هذا الشأن إلي الكوادر علي العمل من اجل تحقيق مشروع الجماعة الأشمل وعدم الانشغال بالامور الفرعية والتحركات الجزئية عنه. محظورة بالثلاثة في الجانب القانوني تنص الخطة الإخوانية للتحرك خلال الفترة المقبلة علي التركيز علي اثبات قانونية وضع الجماعة الحالي وعدم سريان قرار الحل الثاني الذي اصدره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1954 عقب تدبير محاولة اغتياله الفاشلة في المنشية، ويأتي تحرك الجماعة في هذا الاتجاه مطالبة المستشار محمود مصطفي كامل لممثل النيابة عدم اطلاق لفظ محظورة علي الجماعة خلال الادعاء في قضية التنظيم الدولي للجماعة، وهو ما يعكس الحالة النفسية السيئة التي تعانيها العناصر الإخوانية نتيجة وقوعها المحتمل تحت طائلة القانون لمجرد ثبوت انتمائهم للجماعة. في هذا السياق تنتظر الجماعة تاريخ 19 فبراير المقبل الخاص بالحكم في طعن مجموعة حزب الوسط تحت التأسيس امام محكمة القضاء الإداري علي قرار لجنة شئون الأحزاب برفض ترخيص الحزب، لتحديد موقفها من تقديم اوراق تأسيس حزب أو الانضمام إلي الحزب القائم حالة تأسيسه. ينطوي الشق القانوني من الخطة أيضا علي التحرك عبر القضاء الإداري والمحكمة الدستورية العليا من اجل اثبات عدم مخالفة الشعار الديني الذي ترفعه الجماعة في الانتخابات" الإسلام هو الحل" للدستور والقانون، وبالتالي الافراج عن كوادر الجماعة المحكوم عليهم بالسجن عامين علي خلفية تعليق لافتات تحمل الشعار خلال الانتخابات الأخيرة، جمع اكبر قدر ممكن من الوثائق والمواد المصورة الخاصة بوقائع تزوير محددة في الانتخابات البرلمانية الماضية بهدف ابطال المجلس الحالي واعادة الانتخابات أو استخدام هذه الاحكام كورقة للضغط للحصول علي مكاسب سياسية خلال الفترة المقبلة. الانخراط في "الموازي" المحور الثالث من خطة التحرك يتعلق بالشق السياسي وفيه تعمل الجماعة علي دراسة وتفعيل المطالب والتوصيات التي تضمنها الاجتماع الذي اعقب الانتخابات مع ممثلي القوي السياسية، واهمها فكرة البرلمان الموازي التي طرحها ايمن نور المفرج عنه صحيا من سجنه في قضية تزوير، وفكرة العصيان المدني التي طرحها عدد من المشاركين في مؤتمرات المحظورة وفي مقدمتهم حمدين صباحي وكيل مؤسسي حزب الكرامة تحت التأسيس. فيما يتعلق بالمقترح الخاص بالبرلمان الموازي عدلت الجماعة موقفها الرافض للمشاركة في الكيانات الموازية خوفا من الصدام مع الدولة، وقبلت بفكرة المشاركة، عقب كلمة الرئيس مبارك في افتتاح الدورة البرلمانية والتي قال فيها ساخرا عن البرلمان الموازي"خلوهم يتسلوا". خطة العصيان المدني أما ما يتعلق بالعصيان المدني أو حملات المقاومة المدنية، فقد وضع القسم السياسي بالجماعة ورقة عمل بهذا الشأن، حصلت روزاليوسف علي نسخة منها، وتتضمن توضيحا لأهداف الحملة المرحلية والعامة واهم عوامل نجاحها، علي النحو التالي: تفرق الجماعة في الوثيقة التي بين ايدينا بين نوعين من الحملات اولهما حملات المقاومة الجزئية التي تستهدف قضية بعينها مثل الاعتراض علي قانون جائر، من خلال بناء التضامن المطلوب بين فصائل المقاومة وشرائح المجتمع حتي تحين ساعة التغيير المنشود، وثانيها الحملة الشاملة التي تأتي حين تنجح المعارضة في حشد طاقات المجتمع بكامله ليصبح مستعدا للدفاع عن ارادته، وبناء المجتمع الاسلامي الذي تسعي إليه الجماعة. في هذا الشأن اوردت الجماعة ملاحظة جوهرية تتعلق بالمشكلة التي تواجهها وتتمثل في التناقض بين ازالة النظام السياسي بالقوة والعمل العنيف والبناء المدني الذي يتضمن العمل السلمي، وهي الاشكالية التي تعاني منها الجماعة بسبب ضغوط كثيرة تمنعها من ممارسة أعمال العنف ظاهريا وان كانت تغرس في قواعدها الأفكار الدافعة إليه سرا. ضربة للنظام تكذيبا لكل ما تدعيه الجماعة المحظورة من عدم سعيها للوصول إلي السلطة أو الانقلاب علي الدولة القائمة، تنص الوثيقة علي ان الحملة تستهدف تحويل ميزان القوة وتحريرها من يد الدولة التي تصفها ب"الاقلية الديكتاتورية الحاكمة" إلي يد الاغلبية المحكومة، وفي هذا الشأن تورد القيادة ملاحظة اساسية وهي ان تكوين بؤر مناوئة للنظام من داخله مؤجل في الايديولوجية الإخوانية لحين ضربه ضربة "مطيحة" علي حد وصف الجماعة. تضع الورقة عدة أهداف مرحلية يؤدي تحقيقها للنجاح في تحقيق الهدف العام ومنها بناء قدرة المجتمع علي الفعل عبر الاحتكاك بالجمهور والحوار معه لاقناعه بضرورة مشاركته في الصراع لبناء مجتمع افضل، بالإضافة إلي البحث عن الشرائح المختلفة في المجتمع والمفاتيح أو القضايا التي تهمها ليكون لديها الاستعداد لخوض الصراع من اجلها وهو ما يفسره اندساس عناصر الجماعة في جميع الإضرابات والاعتصامات الفئوية التي شهدها الشارع المصري خلال الاعوام الماضية ومحاولة تحريض هذه الفئات ضد الدولة، غير ان رفض الفئات للجماعة كان حائلا دون تحقق هذا الهدف. استهداف مفاصل القوة الهدف المرحلي الثالث الذي تستهدفه خطة الجماعة يتمثل في تقويض قوة النظام باستهداف مفصل من مفاصل قوته، مثل نزع الشرعية عنه أو اقناع ادوات القمع التي يستخدمها مثل الشرطة والامن المركزي بانهم يحمون نظاما لن يكتب له البقاء وان حركة المقاومة له تتزايد وستضم أبناءهم وان مكانهم الطبيعي ليس ضد أبنائهم وانما معهم، وتنص الخطة علي ان هذا الاقناع لا يتم بالكلام فحسب وانما عبر الانشطة التي تلامس همومهم وتلبي احتياجاتهم ويزداد المشاركون فيها يوما بعد الاخر. تتضمن الخطة عوامل تضمن نجاحها وفي مقدمتها التخطيط والتقويم بحيث توضع الحملة ضمن خطة كلية ولا تصبح عملا ارتجاليا يتساءل بعده المشاركون إلي اين نحن ماضون، ومنها أيضا التدرج وعدم الاستعجال لنقل الجمهور من مقعد المتفرج إلي الفاعل من خلال الحوار اذ من الصعب تفكيك مصادر قوة النظام بشكل كامل وسريع في المراحل الأولي لان هذا يتطلب قيام مؤسسات المجتمع برفض تام وتحد مفاجئ للنظام عن طريق التعاون الجماهيري الواسع والمفاجئ، وهو ما يفسر رفض المحظورة السابق للاشتراك في اضراب 6 ابريل الفاشل في السنوات الماضية. إضرابات رمزية تنص الخطة علي الرمزية في المراحل الأولي من حيث الشكل بارتداء ملابس سوداء مثلما حدث مع قضية خالد سعيد، ومن حيث الوقت مثل الصيام ساعات عن الأكل بدلا من الاضراب عن الطعام وتهدف الرمزية إلي توصيل رسالة ضمنية إلي الجماهير مفادها ان انتزاع الحرية لن يتم بتفويض قلة من ابناء المجتمع بالنضال نيابة عنه، وتشير الورقة إلي ان الأعمال الرمزية غير موجهة إلي النظام وانما إلي الجمهور لبناء قدرته علي الفعل. تعتمد فعالية الحملة علي تواصل انشطتها وتتابعها وليس عدد الانشطة بها وتركز الخطة علي استخدام الاطفال والنساء في الانشطة باعتبارها من الوسائل الناجحة في تبليغ رسالة النشاط، ووضع النظام في "خانة اليك" علي حد وصف الخطة بحيث يوضع بين خيارين احدهما العنف ضد النساء والاطفال أو ترك النشاط ينمو. تكشف الوثيقة ان محاولات التحريض الإخوانية المتنوعة ضد الدولة خلال السنوات الماضية كانت متعمدة ومدروسة وذلك من خلال النص علي ان تكون الحملة متصاعدة في الوتيرة، بالإضافة إلي كونها مستمرة ومتقطعة في نفس الوقت، بمعني ان تتولي شرائح بعينها الثورة لقضية ما ثم تعقبها فئة اخري علي ان تستريح هي، كان يقوم الطلاب بتنفيذ اضرابات واحتجاجات علي قضايا تعليمية ثم يقوم السائقون بابطاء حركة القطارات ثم يقوم الصحفيون بتحدي الرقابة علي النشر، وتنص الخطة علي ان يكون التقسيم مدروسا بحسب نوع القضية المطروحة ومجموعات السكان.