هذا الوطن كامل العدد!!، أي والله كامل العدد!!، أين ولماذا ومتي وكيف وبقية أسماء الاستفهام المعروفة والمجهولة والتي في بطن الشاعر كلها تدور الآن في ذهن القارئ كي يستوضح ما أود الإفصاح عنه من خلال هذا العنوان أو اللافتة التي كانت توضع علي أبواب دور العرض والمسارح خلال موسم الأعياد وربما الأجازات صيفا وشتاء؟!. هذا الوطن كامل العدد من حيث موارده الطبيعية كما أنه كامل العدد من حيث مشكلاته غير الطبيعية!!، بل ربما تزيد موارده علي مشكلاته ولكنه في حاجة إلي عملية تصحيح الإبصار وتعديل الرؤية لجميع المواطنين حتي يتمكن الجميع من الاستمتاع بحياتهم كما لو كانوا مواطنين في الاتحاد الأوروبي أو الولاياتالأمريكية أو في آسيا الكبري أو حتي آسيا الصغري!! ولكنه يشعر بأنه مواطن من الدرجة السياحية (الثالثة سابقا) كما لو كان في قلب أفريقيا قبل الاستعمار أو جنوب أمريكا بين الحربين الأهلية والأولي؟!. الموارد الطبيعية في مصر تبدأ بالموقع الجغرافي الفريد الذي يتوسط العالم بأجمعه والقارات الثلاث المهمة جدا فيه من حيث تعداد البشر وتنوعه والتداخل بين الأعراق من حوله وكذلك التنوع البيئي المهم كما يستند تاريخيا لكل العصور المزدهرة منذ قدماء المصريين واليونان والرومان والفرس وأهل آسيا ثم أهل الجزيرة العربية، كل هذه المتواليات أدت إلي تفاعل الشعب المصري مع صانعي التاريخ كي يزداد نضجا وشموخا. وكما أن هذا الوطن كامل العدد من حيث موارده فهو أيضا كامل العدد من حيث مشكلاته التي تحتاج إلي الحل في شكل فوري ثم بشكل دائم مستمر، هذا الوطن الذي به من السواحل ما يزيد علي ألفي كيلومتر وما يحيط بها من مياه إقليمية كلها ثروات حية وغير حية وتمنح الفرصة كاملة لكل تخطيط ينتفع به الناس علي مدار السنين وليس لبضعة أيام صيفا أو شتاء. مصر لديها أكبر مناجم الذهب علي مستوي العالم وبها أكبر مخزون لعشرات السنين وذلك استنادا لأقوال أحد كبار الجيولوجيين العاملين في الموقع وبالمناسبة فهو مصري عائد من استراليا حبا في هذا الوطن ونقلا لخبرته الممتدة في مهجره هناك. في مصر أكبر خزان للمياه الجوفية في الصحراء الغربية ولم يتم التخطيط الأمثل للاستخدام حتي الآن، وفي مصر أيضا أكبر فرصة لإقامة صناعات كثيرة تتمتع بالأفضلية عن مثيلاتها في مواقع أخري ولكن الحول في تبني وتنفيذ السياسات هو السبب في عدم إقامتها والانتفاع بها، بل والتضارب في غابة القوانين التي تعوق حركة البشر والأموال والخبرات هي السبب وراء هذا العجز والتخلف الذي نعاني منه ونشكوه بيننا علي الدوام. من مشكلات هذا الوطن أن المسئولين في حاجة ماسة لتصحيح الإبصار - والشعب كذلك - حيث إن أبصارهم في كثير من الأوقات لا تكاد تري المشكلة ولا تستطيع تمييزها بدقة تماما مثل من يعاني قصر نظر أو حولاً ؟!. من المشكلات المزمنة ذلك التفاوت الرهيب وغير المعقول وغير المبرر في الدخول بين الحد الأدني الذي لايغني ولا يسمن من جوع وحد التخمة الذي لا حدود له، بين الصفر وبين الملايين، من المشكلات الطاحنة أيضا ذلك التفاوت في برامج التعليم وتكلفته بين الحكومي والخاص في جميع المراحل وفي كل التخصصات مما يجعل الفجوة بين شباب الوطن وبين ذويهم تتسع لدرجة لا يمكن تخطيها. من المشكلات الساخرة ذلك الاستخدام الخاطئ لقشور الدين والتمسح به والتمسك بأهدابه علي حساب المواطنة وعلي حساب الوطن نفسه والادعاء الكاذب بأن الدين هو الحل، ولكنه ذلك الدين المؤدي إلي كراسي السلطة؟!، كل تلك المشكلات أدت إلي الفساد الواضح في كل الاتجاهات حيث يحتاج الوطن لعملية تطهير.