بارانويا عمرو مصطفي تقف وراء موهبته المتفجرة ودوافعه الغريبة في التطاول علي زملائه الفنانين والمطربين والملحنين الكبار، فهو يشعر بذات متضخمة ترتفع معها «الأنا» عندما يتحدث وهي تفرض عليه دائمًا أن يدخل في صدام مع الآخرين ليثبت تميزه ونضج أفكاره لكنه لا يدرك أن حضوره الفني لا يستوجب بالضرورة إلغاء الآخرين من الوجود. الإبداع يتيح لعدد هائل من الملحنين والمطربين أن يقدموا إنتاجهم ولولا التفاوت في القدرات واختلاف الأذواق لما سجل التاريخ بصمات كل فنان، لذلك أعتقد أن التحليل النفسي لشخصية عمرو مصطفي يكشف أبعاد وملامح طريقته في التعامل مع الناس، هو شديد الولع بالأضواء ودائمًا ما يفتخر بأعماله بشكل لم يظهر به ملحن من قبل، فلا السنباطي الذي اهتز له عرش الغناء كان يضع نفسه فوق السحاب ولا موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب كان يستهزئ بالمطربين الشباب، حتي عمرو دياب الذي يعتبره عمرو مصطفي مثله الأعلي ويكن له التقدير والاحترام، لا يدخل في هوجة القيل والقال بل يظل محافظًا علي طريقته المهذبة في التعامل مع الآخرين بمن فيهم أعداؤه. لكن.. أن يخرج عمرو مصطفي عن هذا الإطار، فهذا ما يزعج الجميع لأن اثبات الذات لا يكون بالباع والذراع والتقليل من شأن هذا، والقفز فوق رقبة ذاك، صحيح أنه ملحن ناجح واستطاع أن يبتكر جملاً موسيقية، لكن ذلك لا يعني أن يسقط حدود اللياقة من حسابه ويهدر طاقته في الدخول إلي صراعات إعلامية لن تضيف إليه شيئًا، لأنه كلما تقدم خطوة للأمام تراجع معها عدة خطوات، وإذا كان يؤكد في حديثه مع وفاء الكيلاني أنه يربي جيلاً كاملاً علي موسيقاه، فإنه يخطئ أيضًا إذا اعتقد أن الشتائم والتجاوزات اللفظية في حق الآخرين هي جزء مما ينقله بنفسه لتلاميذه. لقد تعلمنا أن نضع الأمور في نصابها والأشخاص في مكانتهم، أما أن نتطاول علي الملحن محمد سلطان فهذا ما لا نرضاه لأنه قامة كبيرة في عالم التلحين والغناء ورمز من رموز هذا الفن، صحيح أن عمرو مصطفي يبحث عن حقوقه فهذا أمر مشروع يسانده فيه الجميع وكنا أول من تصدي لإهدار حقوق المؤلفين والملحنين، ولكن يجب أن يتم ذلك في إطار يناسب كاريزما الفن والفنان. ثورة عمرو مصطفي تنبع من إحساسه بعدم حصوله علي المكانة التي يتمناها فيضطر إلي جلد الذات والآخرين إلا أن ذلك يتسبب في تشويه صورة نجوم الفن المصري علي الفضائيات لأن كلام عمرو مصطفي ليس نقدًا موجهًا للأغاني والألحان بل يحمل نوعًا من التجريح ويؤدي إلي اشعال الخصومات، وللأسف تحاول القنوات الفضائية والمذيعات من أمثال لميس الحديدي ووفاء الكيلاني اتاحة الفرصة له من أجل زيادة الاثارة وتحقيق لقاءات جريئة وساخنة، وهما تتحملان جزءًا من هذه المشكلة لأن البرامج لم تعد تهتم كثيرًا بالأفكار بقدر ما تشعل حرائق التصريحات وعمرو مصطفي خامة جيدة لتنفيذ ذلك لأنه يتطوع مشكورًا للمشاركة في تأجيج هذا الفزع الفني مدفوعًا بما لديه من رغبة صارخة في الإعلان عن نفسه. علي عمرو مصطفي أن يركز في تقديم ذاته من خلال أعماله حتي لا تدمر عنجهيته رهافة روحه كملحن وفنان، فالخناقات والصدامات تحرق مصداقية النجم والفائز الوحيد الفضائيات التي تحصد أكبر نسبة مشاهدة علي حساب جيل بأكمله يتبادل مع بعضه الطعنات.