لم تفق جماعة الإخوان "المحظورة" من الصدمة التي تلقتها بعد فشل جميع مرشحيها في بلوغ البرلمان في الجولة الأولي وانسحابها من جولة الاعادة، وهو الخروج الذي تسبب في حرمان الجماعة من مميزات كثيرة تنظيمية وحركية كانت تتمتع بها محليا وخارجيا من خلال وجود عناصرها في البرلمان، كما انه سيرتب مشكلات بالجملة تجبر الجماعة علي تغيير استراتيجيتها في التحرك الميداني سياسيا وتنظيميا في الفترة المقبلة. الوضع الجديد الذي فرضه الواقع السياسي علي الجماعة بعد خروجها من المجلس يفرض علي قيادتها وضع تصور لكيفية استيعاب التمدد التنظيمي، الذي حدث منذ دخل نوابها المجلس، بظهور جماعات مصالح حول كل نائب، تتمثل في الهيئات المعاونة له، علاوة علي استيعاب المشكلات التنظيمية التي ستنجم عن كون كثير من النواب باتوا يرون أنفسهم اكبر من المواقع التنظيمية التي سيعودون إليها في محافظاتهم. مرحليا راح عدد من نواب الجماعة يبحثون عن دور جماهيري واعلامي بعد ان بات صعبا عليهم ان يتخلوا عنه، وذلك من خلال الانضواء في تشكيلات تتعارض مع مواقف الجماعة المعلنة كما في حالة محمد البلتاجي وصبحي صالح عضوي الجماعة في مجلس الشعب الماضي، اللذين انضما الي ما سمي بالبرلمان الموازي وذلك علي الرغم من رفض الجماعة للفكرة وقول المرشد أنها فكرة هزلية، واصطفاف اعضاء بارزين من الجماعة في الوقفات الاحتجاجية التي تنظمها القوي السياسية المختلفة مثل سعد الكتاتني والحسيني ومحسن راضي وغيرهم. سعيا نحو استيعاب مجموعات المصالح كشف احد مصادر الجماعة عن شروع عدد كبير من النواب في تأسيس جمعيات ومنظمات حقوقية في شكل شركات مدنية التفافا علي تأسيس الجمعيات الخاضعة لرقابة الدولة من خلال وزارة التضامن. وبرغبة في الانتقام راحت قيادة الجماعة تصدر تعليمات للقواعد بمختلف المحافظات للتنسيق مع القوي الموجودة وهو ما كشف عنه النائب الإخواني السابق مؤمن زعرور الذي اعترف بنبرة يملؤها أسي"لدينا جرح عميق من الانتخابات الاخيرة وبالتالي لابد ان نتعامل مع جميع القوي الاخري"، واشار الي ان المرحلة القادمة ستشهد تنسيقا مع احزاب الغد والعمل والجمعية المصرية للتغيير في الشرقية من خلال عقد الندوات واللقاءات الدورية، مشددا علي ان المرحلة القادمة سيكون التعاون بين الجماعة والقوي الاخري اكثر ايجابية سواء في القاعدة او في القيادات كما حدث في المنيا مؤخرا. مسئول المكتب الاداري في بني سويف عبد العظيم أبو سيف قال انهم يدرسون حاليا بناء علي تعليمات من مكتب الارشاد إحياء اللجان الشعبية مثل لجنة المناصرة ولجان المقاطعة ونصرة فلسطين والتي تشارك فيها جميع القوي السياسية، لافتا إلي انه سيتم استبعاد القوي والافراد ممن لديهم قناعات تخالف الجماعة ملمحا الي استبعاد التنسيق مع حزب التجمع أو أي من الاحزاب التي شاركت في انتخابات الجولة الثانية .. لكنه عاد ليؤكد ان هذه الامور مرهونة بتكليفات مكتب الإرشاد، نفس الامر اكده حسين ابراهيم مسئول المكتب الاداري بالاسكندرية. سيناريوهات لتحرك الجماعة خلال الفترة المقبلة، يحددها نبيل عبد الفتاح الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية قائلا ان ابرزها تنظيم وقفات احتجاجية كثيفة ومنظمة من خلال تدريب وتعبئة قواعد الجماعة وادخال عناصر جديدة من اجل نشر هذه الاحتجاجات في مختلف انحاء الجمهورية لكن هذا الخيار برأي عبد الفتاح سيظل محدودا لعدم قدرة الجماعة علي استعداء الدولة، اما السيناريو الثاني فيتمثل في لجوء الجماعة الي القضاء للتشكيك في البرلمان علاوة علي الدخول في اشكال من التنسيق مع المعارضة التي قاطعت الانتخابات سواء. "مثل هذه التحالفات بين الاخوان والقوي الاجتماعية الجديدة ينتظرها الفشل" هكذا رأي صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة افق هذا التعاون معللا ذلك بالخبرة السابقة لتحالفات الجماعة مع القوي الاخري حيث كان الاخوان يستخدمونهم ويوظفونهم من اجل حساباتهم وهو الامر الذي سرعان ما ينكشف فتفك هذه القوي التحالف. كما اوضح رئيس تحرير القاهرة ان الجماعة ليست مخلصة في تحالفاتها لذلك تلجا الي تمثيل رمزي لها في التحالفات من خلال تواجد واحد او اثنين من الشخصيات البارزة لا اكثر من ذلك هو يعني انه ليس تحالفا بل تمثيل شرفي، واعتبر ان التواجد الكثيف للجماعة في الأحتجاجات الاخيرة امر مؤقت لان الداعي اليه هو صدمة الاخوان من نتيجة الانتخابات فقط، ولم يستبعد عيسي امكانية تسرب اعضاء الجماعة الي الاحزاب بحثا عن مظلة الشرعية لكن امد هذه الخطوة برأيه سيكون قصيرا لاختلاف خطاب الاخوان عن خطاب الأحزاب. في المقابل قال القيادي الإخواني السابق مختار نوح ان غالبية النواب الإخوان في المجلس السابق لم يكونوا نوابا بالمعني السياسي وانما كانوا خدميين بشكل اكبر باستثناء 20 نائبا علي الأكثر، ما يجعل من السهل استيعابهم تنظيما، خاصة في ضوء ان الجماعة لن تسمح بمساحة كبيرة من تباين المواقف مع مواقفها المعلنة.