يبدو أن التنافس بدأ مبكرًا بين عدد من شركات المقاولات المصرية والخليجية والدولية للفوز بحصة من أعمال الإنشاءات الرياضية والفندقية وأعمال البنية التحتية الضخمة التي تحتاجها دولة قطر إثر فوزها باستضافة كأس العالم 2022، خصوصًا أن حكومة قطر تسعي إلي إنفاق نحو 100 مليار دولار علي مدي السنوات العشر المقبلة في إطار تحضيراتها لاستضافة مونديال 2022، والتي تبني قطر خلالها تسعة ملاعب مكيفة، وتحدث ثلاثة أخري، تقع عشرة ملاعب في دائرة نصف قطرها بين 25 و30 كيلومترا، ولا يتوقع أن تزيد رحلة الوصول لأي استاد رياضي علي ساعة واحدة، ويستضيف استاد لوسيل الذي لم يشيد بعد مباراتي الافتتاح والختام، وستصل سعته إلي 86 ألف متفرج، ويحيط به الماء من كل جانب ويستغرق بناؤه أربع سنوات، ومن المتوقع أن يستكمل بحلول عام 2019. وستنفق قطر مبالغ كبيرة علي تحسين البنية التحتية علي مدار عشرة أعوام، حيث ستخصص 25 مليار دولار لشبكة السكك الحديدية، و20 مليار دولار لطرق جديدة، و11 مليار دولار لبناء مطار جديد يفتتح عام 2012 يستوعب 50 مليون راكب سنويا، ومعبر يربط بين المطار الجديد ومشاريع عملاقة في الجزء الشمالي من العاصمة الدوحة يتكلف مليار دولار، ومن المحتمل أن تعجل استضافة كأس العالم بتنفيذ مشروع الطريق العلوي الذي يربط بين قطر والبحرين ويتكلف ثلاثة مليارات دولار. وفي قطاع الفنادق تحتاج قطر إلي 60 ألف غرفة للوفاء باشتراطات الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» ويوجد حاليا عشرة آلاف غرفة فندقية في قطر، ومن المقرر أن يرتفع الرقم إلي 17 ألفا في نهاية العام المقبل. وكان مقدمو ملف قطر لاستضافة كأس العالم وعدوا الفيفا بزيادة الطاقة إلي 95 ألف غرفة بحلول عام 2022، وعلي صعيد شركات البناء من المرجح أن تستفيد شركات قطرية ومصرية خليجية من عقود بناء ترتبط باستضافة كأس العالم. وتعتبر قطر أحد أكبر خمسة أنظمة اقتصادية متزايدة النمو في العالم، ونتيجة لذلك تخطط الدوحة لأن تكون المركز الأكاديمي والرياضي والسياحي لمنطقة الشرق الأوسط، ولتحقيق هذه الرؤية تقوم بزيادة مرافقها السكنية والفندقية بطريقة ملحوظة. وجاءت زيارة الرئيس مبارك الأخيرة إلي العاصمة القطرية الدوحة وقبيل التصويت مباشرة من الفيفا الذي انتهي بفوز قطر باستضافة كأس العالم والذي يبدو أن مصر كانت لها دور لوجيستي داعم وحاسم أسهم بشكل كبير في مصلحة فوز الملف القطري بأغلبية كبيرة وكذلك زيارة رئيس الوزراء القطري الأخيرة إلي مصر، هذا التقارب المصري القطري انعش آمال قطاع المقاولات المصري في أن يقوم بدور مهم في الإسهام ومساعدة قطر في تنفيذ وعودها للفيفا خصوصا أن قطاع المقاولات المصري يمتلك رصيدا وافرا وخبرة كبيرة في مجالات الإنشاءات الرياضية والسياحية والفندقية واللوجيستية. وتشير التقديرات إلي أن الاستثمارات المطلوبة في السنوات المقبلة في قطر ستكون في قطاعات البنية التحتية من مطارات وطرق وكهرباء ومياه، وتسعي الحكومة القطرية نحو تطوير البني التحتية لإنشاء مشاريع ضخمة جديدة قد تصل مبالغها إلي أكثر من 100 مليار دولار، حسبما أعلنت، التي ستستمر في استثمارها خلال الأعوام العشرة المقبلة، وذلك للصرف علي مشاريع تشمل تطوير مشاريع الطاقة الكهربائية، الفنادق الفخمة، الملاعب الرياضية، مشاريع تحلية المياه والسكك الحديدية وغيرها، وسيكون للقطاع الخاص دور كبير بشكل عام في إنجاز تلك المشاريع والمشاركة فيها بشكل مباشر أو من الباطن. التنافس إذن سوف يكون لمصلحة الشركات المصرية التي تملك الخبرة والدراية والمؤهلة لتنفيذ مشاريع عملاقة، رغم ان بعض الشركات السعودية والإماراتية علي وجه التحديد أخذت في الاستعداد لذلك بالبحث عن كوادر فنية متخصصة في مجالات الإنشاءات الرياضية والسياحية، غير انه فيما يبدو لي أن الشركات السعودية مشغولة أكثر بالمشاريع داخل المملكة بعد أن رصدت الحكومة السعودية في موازنة هذه السنة 260 مليار ريال سعودي لمشروعات البنية التحتية والمقاولات كما أن شركات المقاولات الإماراتية لاتزال واقعة تحت تأثير الأزمة المالية التي ضربتها بقوة وعصفت بها خلال العامين الماضيين، إذن الفرصة مواتية للشركات المصرية لأن تستعيد تواجدها العربي في فرصة قد لا تتكرر إلا بعد مرور نصف قرن من الزمان علي الأقل، فهل هي استعدت لذلك؟ السؤال الذي يطرح نفسه أيضًا هل شركات المقاولات المصرية علي مستوي التحدي والحدث؟ وهل استوعبت الخطوة المبكرة والذكية التي قام بها الرئيس مبارك تجاه دولة قطر؟ ليشرع الأبواب أمامها كي تجد لها موطئ قدم في السوق القطرية المقبلة علي تنفيذ مشاريع ضخمة وعملاقة ولديها القدرة المالية الضخمة والقابلية، وفي النهاية نأمل أن يكون فوز قطر باستضافة كأس العالم محفزا رئيسيا للاقتصاد المصري.