عندما يأتي التطوع في قرية فقيرة بقلب الصعيد، من أجل نشاط ثقافي، فهذا هو غير المألوف، الذي حدث بالفعل في قرية "الدوير" بمركز "صدفا" بأسيوط، عندما تجمع عدد من محبي الكاتب الكبير الراحل أحمد بهاء الدين، ليكونوا نواة لمركز "أحمد بهاء الدين الثقافي"، الذي من المنتظر أن يفتتحه محافظ أسيوط يوم 16 ديسمبر الجاري. رغم أن المركز لم يفتح أبوابه بعد، فإن المتطوعين لم يتقيدوا بزمان أو مكان أو حتي بسن، فخلال الافتتاح سوف يتم تكريم أصغر متطوعين، وهما حازم حمدي سعيد9 سنوات، ومي حمدي سعيد 8 سنوات، وذلك لما قام به الطفلان من جهود تطوعية علي مدار عامين، سواء بالمشاركة في إعداد وتنظيم ملتقيات ثقافية، ومشاركتهم في الملتقيات الثقافية وحفلات التكريم. ليس حازم ومي إلا صورة مما يقوم به الكثيرون من أبناء "الدوير"، ومنهم: أحمد عبد المتجلي، المسئول عن وحدة الدراسات والبحوث في المركز، ويقول: لست وحدي من تطوعت في المركز، يوجد غيري مجموعة آنسات وشباب، كلهم مهتمون بالعمل التطوعي، ويعملون بخلافه في مواقع أخري، ولكننا جميعا نشترك في معاناتنا من سوء الخدمة الثقافية، وللأسف أوضاع قصور الثقافة في أسيوط متردية جدا، لذا حين رأينا أحدهم صادقا في كلامه، لم نتردد في أن نشارك بوقتنا ومجهودنا دون كلل وملل، حتي في تلك الاجتماعات التي قد تستغرق منا 8 ساعات متواصلة دون أن نحصل علي مقابل عنها، فنحن مجموعة أسعدنا أن هناك في القاهرة من يود توصيل فكر أحمد بهاء الدين، وتوصيل الخدمة الثقافية للمحرومين منها في قريتنا، وفي أسيوط بشكل عام، أردنا أن نساعد، وقد كان دافعي علي المستوي الشخصي لهذا التطوع، إيماني بأن التغيير في مصر لن يأتي عن طريق السياسة، ولكن عبر الثقافة وتنوير العقول، وترقية أوضاع المواطنين. وأكمل: رغم أن المركز سيفتتح أبوابه الشهر القادم، إلا أننا نعمل منذ ست سنوات، عبر رحلات ميدانية ننظمها وبعض المتطوعين، إلي مدارس، ومراكز شباب، في قريتنا وفي قري مجاورة، فنقدم دروسا في التنمية البشرية والحاسب الآلية، وورشا للكتابة والقصص والشعر، ومجلات حائط، وقد اكتشفنا عددا كبيرا من الشباب الموهوب، وفي رأيي أن المرور علي القري المحرومة أفضل، لذا لن نتوقف عقب افتتاح المركز من المرور علي تلك القري، وسوف نعمل بالتوازي، انطلاقا من المركز كقاعدة لنا نجذب لها الموهوبين والراغبين في الاستزادة.