تعودنا جميعاً مع كل انتخابات تشريعية أن نلقي الأضواء علي السادة المرشحين لشغل المقاعد البرلمانية، حيث الاهتمام بأدق التفاصيل في حياة المرشح ماضيه وحاضره ومستقبله أيضاً. فالمجتمع بجميع فئاته وطبقاته يري أن المرشح يجب أن يكون شخصاً فوق العادة في سلوكه العام وفي طريقة تفكيره ونظرته للأمور والأشياء بالإضافة إلي ضرورة أن يكون شخصاً نافذا وله شبكة من العلاقات القوية داخل الأوساط السياسية والحكومية، إنهم ينظرون إليه علي أنه شخص ملهم جاء ليخلصهم من المشاكل والأزمات الحياتية اليومية. ومن جانبي أري أن المجتمع بهذه النظرة يسير في الطريق السليم لفرز المرشحين وانتقاء من يحقق هذه الطموحات والأحلام المشروعة لكن الحاصل أن تناقضا حادا بين ما يتمناه عقلاء المجتمع وبين ما يحدث بالفعل، في الغالب الأعم تجد العاطفة القبلية والعشائرية غالبة علي مسلك الكثير من الناخبين كما نجد التفسيرات والتبريرات المتعددة في هذا الصدد فلا غرابة أن تستمع إلي شخص متعلم ومثقف وهو يدعو لمرشح معين أظنه لا يعلم الفرق بين الدستور وجريدة الدستور لا يعلم علي وجه اليقين حقيقة دوره النيابي مشرعا ومراقبا وراسما للسياسات. هذا المرشح لم يعمل في السياسة ولم يقترب منها ولا ينتمي لأي حزب سياسي ويدعي أنه مستقل ولا أدري مستقل عن ماذا! المرشح هنا لا يعنيني في شيء فمن حق الجميع أن يكون له طموح ومن حق الجميع أن يجرب حظه ومن حق الجميع أن يقدم نفسه للجماهير وينتظر حكمها له أو عليه لكن كل ما يعنيني ويقلقني هو الناخب ذاته.. الناخب.. أي ناخب يخطئ حين يظن أن صوته لا قيمة له ويخطيء حين يردد ما يردده الجهلاء بأن النتيجة محسومة مقدماً. يخطئ الناخب كذلك حين يجامل أحدا بصوته فالصوت هنا ليس للمجاملة وليس لتطييب الخواطر، مهما كانت درجة الصداقة ومهما كانت درجة القرابة ومهما كانت درجة العلاقة مع المرشح أو أحد أتباعه وحوارييه، الصوت مسئولية وأمانة أمام الله وأمام الوطن، قد تجامل أحدا بهدية وقد تجامل أحداً بعزومة وقد تجامل أحدا بكلمة طيبة وهذا كله مقبول علي جميع المستويات. أما أن تجامل أحداً علي حساب الوطن فهذا غير مقبول وستحاسب عليه حتما يوم لا ينفع مال ولا بنون، إنني لا أنشد مستحيلاً ولا أردد شعارات جوفاء لكنني بين الأمل والرجاء أذكر وأقدم النصيحة لبني وطني فالعزوف عن الانتخابات خطأ ومنح صوتك مجاملة لمن لا يستحقه خطيئة كبري واليوم يمكننا أن نسطر صفحات ناصعة لمستقبل هذا الوطن والمسألة ليست مستحيلة علي الإطلاق فحضورك للإدلاء بصوتك واجب وطني وإعمال العقل والمنطق فيمن تعطيه صوتك أمانة ومسئولية، يجب أن نخرج من بوتقة الكلام والنظريات والمناظرات إلي ساحة العمل والإخلاص. مصر تحتاج إلي جهود جميع أبنائها فأمامنا العديد والعديد من التحديات كي نصنع مستقبلاً رائعا للأجيال المقبلة. كما أود أن أنوه في ختام مقالي إلي التحدي الأكبر الذي يحتاج منا جميعاً إلي وقفة حاسمة ألا وهو الآثار السلبية للانتخابات. في المجتمعات المتقدمة والمتحضرة فالخلاف لا يفسد للود قضية والمعارك الانتخابية شرسة لكن وبمجرد الانتهاء من المعركة والاحتكام إلي رأي الجماهير يلتزم الجميع برأي الأغلبية وينسي الجميع ما دار من معارك ومناوشات أثناء المعركة الانتخابية ولنا في هيلاري كلينتون وباراك أوباما المثل والقدوة فالصراع بينهما كان علي رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعد أن قالت الجماهير كلمتها وتم اختيار أوباما انتهي الصراع وتم التعاون بينهما من جديد حيث اختارها أوباما لحمل حقيبة الخارجية وهي الحقيبة الأخطر في السياسة الأمريكية. من هنا فالواجب علي كل المرشحين أن ينتظروا حكم الشعب بعدها ينضم الجميع إلي طابور العمل العام.