رحلة تترقبها أنظار الإقليم.. تجتذب الاستثمارات.. وتناقش السلام.. وترأب صدعاً مع قطر حفاوة إماراتية.. وقمة مع خليفة بن زايد.. واجتماعات لصناديق أبوظبي السيادية في القاهرة قريباً وصف هذه الجولة الرئاسية إلي الخليج العربي، والتي بدأها الرئيس مبارك بزيارة الإمارات أمس، وصفها بأنها (مهمة)، هو أمر لا مبالغة فيه.. بل إن لها أهمية متضاعفة. الرئيس مبارك، الذي اعتاد تكرار زياراته للخليج (العربي) ربما عدة مرات سنوياً، مع تنوع مقاصد رحلاته في مختلف الدول الشقيقة، وصل إلي الإمارات هذه المرة بعد أن كانت آخر زيارة له في العام الماضي... وقد هبطت طائرته ظهر أمس إلي مطار (العين) يسبقه بيان صدر عن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة حرص فيه علي وصف الخليج بأنه (عربي).. وهو وصف قلما تستخدمه الآن عديد من الدول، خضوعاً للابتزاز الفارسي المحموم من إيران والتي خاضت قبل أيام أزمة كبيرة مع الصين لأنها أنتجت لعبة تصف الخليج بأنه (عربي) بينما تريد إيران أن تسميه فارسياً. مصر التي تؤكد مراراً علي ارتباط أمنها القومي بأمن الخليج (العربي) واتصاله الوثيق بأمن البحر الأحمر، لقي رئيسها مبارك أمس حفاوة معتادة، حيث كان في صدارة مستقبليه سمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات، ومعه مجموعة مختلفة من وزراء الاتحاد الشقيق، وفي مقدمتهم الشيخ هزاع بن زايد رئيس بعثة الشرف الرسمية.. وقد صاحب الرئيس في جولته كل من وزراء الخارجية والصناعة والإسكان والوزير عمر سليمان وسكرتير الرئيس للمعلومات. التوقيت، من حيث كونه تزامن مع احتفال الإمارات بعيدها القومي خلال هذا الأسبوع، ومن حيث إنه يأتي في توقيت تتماوج فيه الأنواء حول الخليج (العربي)، حمل رسائل عديدة، خصوصاً في إطار حرص مصر علي استقرار المنطقة، وضمان حرية الملاحة الآمنة في مختلف المجاري المائية في الشرق الأوسط، وبين رسائله ما قد يخص المنطقة وعلاقات مصر فيها.. وما يخص علاقات مصر خارجها مع مختلف القوي. وقال وزير الخارجية أحمد أبوالغيط: إن من بين ملفات الزيارة ما يتعلق بشئون السلام والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فضلاً عن أمور أخري تتعلق بمعادلات العلاقات في عموم الإقليم والخليج العربي. مبارك، الذي أقام له خليفة بن زايد مأدبة غداء في «العين» قبل أن ينتقل إلي «أبوظبي» حيث أقام ليلة الثلاثاء- الأربعاء، متوجهًا اليوم إلي الدوحة، أعطي دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية بين مصر والإمارات بالأمس، في ضوء المناقشات مع الشيخ خليفة، خصوصا أن العلاقات الوثيقة بين الدولتين لا يقارن بها حجم التبادل التجاري البالغ مليار دولار، بينما التبادل بين الإماراتوإيران يصل إلي 12 مليار دولار. وزير التجارة رشيد محمد رشيد الذي كان قد سافر إلي أبوظبي في بداية الشهر الجاري، قال إن الخطوات التي قام بها بناء علي توجيهات الرئيس حصدت ثمارها بالأمس بفضل الدفعة الرئاسية، وتم الاتفاق علي زيارة سيقوم بها الوزير منصور بن زايد رئيس الصندوق السيادي لأبوظبي ورؤساء صناديق أخري بمشاركة رؤساء شركات ألمانية وإسبانية وفرنسية اشترتها أبوظبي.. لزيادة حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر. أضاف: سوف تكون هناك اهتمامات بمشروعات تنموية وصناعية وبتروكيماوية، وربما زيادة استثمارات شركة مرسيدس في مصر بعد أن أصبحت الإمارات تملك 10% من أسهمها، بالإضافة إلي مشروع مصفاة بترول علي شاطئ المتوسط، وسعي إلي أنشطة مختلفة تستفيد من اتفاقية التجارة الحرة بين مصر وأوروبا. الاستخلاصات التي استمعنا إليها بالأمس، من كل من وزير الخارجية، ووزير الصناعة المكلف بمهام إضافية في شأن وزارة الاستثمار، وسكرتير الرئيس للمعلومات السفير سليمان عواد، أكدت عمق الأهداف الاقتصادية للجولة التي يقوم بها الرئيس في الخليج (العربي)، ويبدو أن النقاشات سوف تمتد في هذا السياق من الإمارات إلي قطر، حيث يستقبل الشيخ حمد بن خليفة أمير الدولة الرئيس مبارك الذي يحل عليها ضيفاً قرب الغروب. الذهاب إلي قطر، حدث مهم لفت الأنظار، خصوصاً أن مبارك يحل بنفسه ضيفاً علي الدوحة، بعد ما صنعته الفترة الماضية من خلافات تصاعدت في وقت أزمة غزة عام 2008- أوائل 2009.. غير أنه وكما أشرت في مقال بتاريخ يوم (14 أكتوبر الماضي ) تحت عنوان (هل قطر.. تتغير؟).. فإن مياهاً قد جرت بين العاصمتين، خصوصاً منذ انعقدت القمة الخماسية في «سرت» بحضور رؤساء ليبيا والعراق واليمن وقطر ومصر، وقتها كان هناك الكثير من المعاني قد وجدت طريقها بين كل من الرئيس والأمير.. في ضوء معادلات أعيد ترتيبها إقليمياً.. أو تبدو كذلك.. في مواقف الدوحة من ملفات مختلفة.. ومن ثم ما أن تقررت الرحلة إلي الخليج العربي حتي تصدرها السفر إلي قطر. الجولة الرئاسية التي لا شك تجد متابعة من أطراف مختلفة، في الإقليم، سوف تختتم يوم الخميس بزيارة يقوم بها مبارك للبحرين، حيث يلتقي عاهلها، مناقشاً معه مسائل سياسية مختلفة، وفي إطار مواقف تحمل دلالات ومعاني لا تخلو من مضامين صريحة يدركها جيران البحرين، الذي يجد كل مساندة من مصر لحماية استقراره. تفاصيل شئون مصرية ص2