سنكون أكثر قدرة في الرد علي الطلبات الأمريكية المتكررة هذه الأيام بقبول الرقابة الخارجية علي الانتخابات إذا أتحنا الفرصة واسعة للرقابة الداخلية الوطنية علي هذه الانتخابات.. ولعل هذا ما عناه رئيس مجلس الشوري صفوت الشريف عندما قال إننا قادرون في مصر علي توفير رقابة داخلية علي انتخاباتنا بما يغنينا بالطبع عن الرقابة الخارجية والأجنبية. لذلك من المفروض أن تيسر اللجنة العليا للانتخابات هذه الرقابة الداخلية بغض النظر عن تسميتها بمتابعة للانتخابات.. فلا يهم هنا التسمية، لكن المهم ماذا سوف يفعل الذين سيتابعون ويراقبون الانتخابات.. فهم يجب أن يمكنوا من هذه المتابعة للانتخابات ورصد ما يحدث خارج وداخل اللجان الانتخابية الفرعية، والتأكد من عدة أمور، مثل تمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، وعدم حدوث منع لأي منهم في الأدلاء بأصواتهم، وأن ذلك يتم بشفافية وبدون أي تأثير أو ضغط، ويتم سرًا، وأنه يتم التحقق من شخصية الذين يدلون بهذه الأصوات. وإذا كانت اللجنة العليا للانتخابات لها صلاحية منح تراخيص لممثلي منظمات المجتمع المدني الذين يطلبون متابعة أو مراقبة الانتخابات يصير هنا لا ضرورة لحاملي هذه التراخيص أن يحصلوا علي إذن مسبق من رئيس كل لجنة فرعية قبل دخول اللجان الفرعية للاقتراع أو اللجان الانتخابية العامة.. فهذا معناه أن دخولهم هذه اللجان سيكون مرهونا بموافقة رؤساء هذه اللجان، بما يعني ضمنا أن التراخيص الممنوحة لهم لها نصف جدوي فقط! ثم كيف تمنع اللجنة العليا الانتخابات- كما قال رئيسها مؤخرًا- لمن يتابعون أو يراقبون الانتخابات حق المشاهدة فقط وبالأعين دون استخدام كاميرا، وحرمانهم من حق الاستفسار أو السؤال عما يشاهدونه أو يرونه مما قد يخالف القانون أو قرارات اللجنة العليا لضمان شفافية ونزاهة الانتخابات. أليس منحهم حق الاستفسار والحديث مع رؤساء اللجان تصحيح ما قد يفهمونه خطأ أو التأكد من أن ما يقوم به رؤساء اللجان الانتخابية وأعضاؤها سليم ويخلو من الأخطاء؟. إن حظر كلام المتابعين أو المراقبين للانتخابات يزيل بشكل فوري أي التباس لديهم ويحمي التقارير التي ستعدها منظمات المجتمع المدني من مثل هذه الالتباسات. أيضا.. لماذا تحرم الصحفيين والإعلاميين من حق التصوير داخل اللجان الانتخابية؟.. فهم منذ أن عرفنا الانتخابات في مصر وهم يستخدمون آلات التصوير ولم يشكُ أحد منهم لا المرشحون ولا الناخبون ولا حتي أجهزة الأمن ولا الذين يديرون العملية الانتخابية؟ ألسنا نقول إن الصحافة والإعلام يشاركان في الرقابة الداخلية علي الانتخابات.. فكيف نحرمهما في أداء مهمة من أدواتهما للقيام بواجبهما وهو متابعة ما يحدث في هذه الانتخابات؟ إن اللجان الانتخابية ليست قاعات محاكم حتي يُحظر التصوير فيها.. والانتخابات حدث مهم لا يمكن حرمان الصحافة والإعلام من حق تسجيل هذا الحدث بالكاميرات. لذلك نتمني أن تراجع اللجنة العليا قراراتها بخصوص الرقابة أو المتابعة الداخلية كما تحب أن تسميها للانتخابات لتسهل عمل المشاركين فيها، وتيسر أيضا عمل الصحفيين والإعلاميين، مصلحتنا في انتخابات نظيفة وشفافة تقتضي ذلك، وليس تهديد منظمات مجتمع مدني بمقاطعة الانتخابات!