ظهرت في الاونة الأخيرة دعوة جديدة تطالب الناس باخراج ثمن الأضحية مالا بدلا من شرائها، وهذه الدعوة وجدت من يؤيدها داخل الأزهر، وقد اطلق الدعوة الداعية محمد هداية، وعضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية مبرر في ذلك بان المجتمع الآن أصبح يشغله العديد من المشاكل الاقتصادية والصحية والتعليمية وغيرها وجميعها تحتاج إلي مال، لذلك يري أن المجتمع أصبح بحاجة إلي المال أكثر من اللحم وهناك الكثير من تراثنا الإسلامي ما يؤكد هذه الفتوي. وقد أيد د. سالم عبد الجليل وكيل وزارة الاوقاف لشئون الدعوة فكرة إخراج ثمن الأضحية مالا للفقراء بدلا من توزيع اللحم ، وعلل ذلك بقوله: «إن اختلاف الزمن و ما يتضمنه من اختلاف الاحتياجات يجعل اختلاف نوع الصدقة ممكنا، فإذا كان الانسان في احتياج لأموال حتي يسد مصاريف مدارس الأولاد، أو كسوة الشتاء التي يتعسر البعض في توفيرها و من ثم تكون تلك الاحتياجات أولي بأن توفي بدلا ًمن توزيع اللحوم من الأضحية. وأشار إلي أنه بالنسبة للأجر فسيكون لمن يتصدق بالمال بدلاً من الاضحية ثواب المضحي لأن نيته كانت الذبح والتوزيع من الذبيحة لذلك فتعتبر الاموال وسيلة حديثة لإسعاد المحتاجين في عيد الاضحي حيث ان سعادة الناس تكتمل في العيد بسد احتياجات الفقراء. وتؤيد د. عفاف النجار الاستاذ بجامعة الازهر ذلك الرأي قائلة" إن الاتجاه لتوزيع الاموال استبدالاً للذبيحة شيء أيجابي وعملي و هو أمر متروك لصاحبه فاذا أراد المواطن في هذه الايام شراء ذبيحة وحتي يصلح حجمها للتوزيع للأقارب والاسرة والفقراء فستتراوح ما بين 2000 و 4000 جنيه ولن تكون كلها خالصة بينما اذا تم توزيع ذلك المبلغ علي الفقراء فسيتحقق منفعة أكبر عدد من الناس منها وبالطبع ذلك أنفع و من ثم فهؤلاء الفقراء لهم أولوياتهم المختلفة التي يصرفون فيها تلك المبالغ كذلك فبالطبع قد يوزع أكثر من فرد لحوم علي هؤلاء الفقراء الذين ربما قد يكونون قد حصلوا علي نصيب من أضحية الغير وتمثل لهم الاموال ضرورة لذلك فلا حرج من توزيع الاموال بدلاً من الاضحية. واتفق معهم في الرأي د. مبروك عطية الاستاذ بجامعة الازهر ويري ان تطور الاحتياجات شيء طبيعي والاسلام يتميز بالمرونة وليس بالجمود فأتاح الاجتهاد وذلك لحكمة و هي فتح الباب للتطور في أمور الشريعة الاسلامية نظراً للتطور الزمني السريع وقديماً كان الرسول (صلي الله عليه وسلم) يأمر ذي المال والجاه في القبيلة الذبح و أن يأكل من الذبيحة ويوزع منها للأقارب ثم الفقراء بتساوي الثلث والثلث والثلث وكانت وقتها القبائل تقوم بتربية الماشية علي اراضيها بدون اي تكلفة مادية، بينما اختلف الزمان وتعددت احتياجات الناس ومتطلباتهم فيجب ان تتطور معه الفتوي في حدود المسموح وعدم الخروج علي الشريعة الاسلامية لذلك فتلك الفتوي مسموح بها. وتقول د. إلهام شاهين الاستاذ بجامعة الازهر ان توزيع المال بدلا من الأضحية يعمل بها بعض الناس بالفعل ممن يملكون المال ولا يقومون بتوزيع اللحوم تقديراً لظروف الناس واحتياجاتهم المختلفة، لكنها تري أن الاختيار لابد وان يعلن فيه رأي الفقير، وهنا يأتي الامر متروكاً للاحتياجات فمن الممكن ان الفرد الفقير لديه أقارب من المضحين ويعرف انهم سيعطونه نصيبا من تلك الاضاحي فيصبح بذلك ليس في حاجة الي اللحوم التي تزيد علي حاجته وهو يحدث بالفعل في كثير من الاحيان لذلك فإعطاء المال بدلاً من الاضحية يجب ان يتم فيه تخيير الفقير، وبالنسبة للأجر فله نفس الاجر لأن من قام بالاختيار هو الفقير و ذلك وفقاً لاحتياجاته. آراء معارضة ومن جانبه اعترض الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوي بالأزهر سابقاً علي توزيع المال بدلا من الأضحية وقال: «لا يمكن استبدال الأضحية بالمال، فرسولنا الكريم، صلي الله عليه وسلم، كان يقول لابنته فاطمة" قومي يا فاطمة واشهدي أضحيتك فإن الله يغفر بأول قطرة من دمها"، ويقول أيضا (ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلي الله من إراقة دم وإنه يؤتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع علي الأرض فطيبوا بها نفسًا). ويضيف الأطرش أن رسولنا أمرنا بأن نأكل من لحم الأضحية ونطعم بها الغير وندخر منها أيضًا، لذلك لابد أن يراق الدم يوم العيد بعد صلاة العيد مباشرة كما أمرنا رسولنا الكريم والله عز وجل، فيقول الله تبارك وتعالي (فصل لربك وانحر)، وقوله: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوي منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله علي ما هداكم وبشر المحسنين).