(بعض الناس يمتلكون شخصيات رائعة لدرجة أنهم ينتمون في أي مكان يتواجدون فيه) هكذا كانت الجملة الافتتاحية لقصة قصيرة علي أحد المواقع الأمريكية الخاصة بنشر الأدب عن طريق الإنترنت.. وينشر الموقع القصص والقصائد الانجليزية الفائزة بالمسابقة الخاصة به كل شهر والتي قد تأتي من كل أنحاء العالم عبر البريد الإلكتروني ويتم تحكيمها واختيار أفضلها للفوز بالجائزة والنشر علي الموقع.. ولكن ما يهم هو النوعية الجيدة لهذا الأدب الجديد وما يشد القارئ مثل تلك الجملة الافتتاحية الراقية (Some people are so beautiful that they belong everywhere they go) . نعم هناك أناس ينتمون للمجتمع الذي يتواجدون فيه أيا كان.. وكلمة (belong) هنا لا تعني الانتماء المتعدد لأي مكان بقدر ما تعني التواءم والتكيف الذي تستطيعه تلك الشخصيات وقبول وحب المجتمعات المختلفة لهم.. هو إذن تعبير إيجابي يقصد به الثناء علي شخصيات لا تتلون بحسب البيئة التي توجد فيها وإنما تكون في ذاتها وبنفس شخصياتها محط الإعجاب وموضع الحب.. ولا يدري أحد ما إذا كانت تلك هبة تولد مع الشخص، أم أن جزءا منها علي الأقل يكون نتيجة ظروف حياتية وبيئية وتربوية توافرت لتلك الشخصية فجعلتها بالتعبير الشعبي المصري (شخصية حبوبة).. أي محبوبة من الجميع. الشخصيات المحبوبة من الجميع شخصيات بسيطة ولكنها ليست فارغة.. فهم غالبا أغنياء في مشاعرهم تجاه الآخرين وفي معرفتهم بالحياة.. ولكن تلك المعرفة واجتماعها مع المشاعر يخلق فيهم بساطة في التعامل مع الآخر وتلقائية دون تعقيد وكأنهم يعرفون هذا وذاك منذ فترة طويلة مع أنها قد تكون المرة الأولي التي يلتقون فيها هؤلاء الناس. وتتميز تلك الشخصيات أيضا بابتسامة ساحرة لا لأنها تخرج من وجوه جميلة بل لأنها تنبع من قلوب مرهفة متفائلة.. فلا توجد شخصية تتواءم بسرعة في كل مكان تتواجد فيه دون أن تكون لها هذه الابتسامة التي تفتح الأبواب المغلقة وتجذب الكبير والصغير.. وتكمل هذه الابتسامة صفة المرح دون ابتذال والتفاؤل دون سخرية.. فمثل تلك الشخصيات تخلق جوا من السعادة حولها بتعليق مرح أو مجاملة رقيقة غير مزيفة أو حتي بابتسامة كبيرة لطفل صغير في مكان عام. وتجتمع في هؤلاء صفتان من الصعب تجاورهما ألا وهما اللباقة والهدوء.. لأن معظم أصحاب الكلمات الطلقة والتعبيرات الجميلة لا يستطيعون إخفاء لباقتهم ويشتاقون لجلب المديح والثناء في أي مكان يتواجدون فيه، فيثيرون حولهم الصخب.. أما الشخصيات الحبوبة فلا تسعي للأضواء ولكن الأضواء هي التي تنجذب لها.. فهي كالنجوم في ظلمة الليل تجذب أنظار الناس دون أن تتحرك في السماء أو تثير جلبة في سكون الليل.. كذلك هؤلاء، يلتفت الناس إليهم بالرغم من هدوئهم، ويسعي الآخرون للتحدث إليهم وسماعهم. قلما نقابل الشخصيات الحبوبة التي تنتمي وتتفاعل بصدق في أي مكان تتواجد فيه فتملأ أجواءه بالبهجة وأرجاءه بالحياة ولكنهم موجودون وحقا فاعلون.