التهديدات الجوفاء ضد الكنائس المصرية التي أطلقها جهاز الدعاية لما يسمي بتنظيم القاعدة في العراق قوبلت باستنكار تام من جميع الدوائر المصرية الشعبية والرسمية، المسلمون قبل الأقباط ، المساجد قبل الكنائس، المعارضة قبل الحكومة، لا أحد في مصر يقبل تهديد أي مصري، أو أي منشأة مصرية. ليس معني ذلك الاستخفاف بالتهديد الارهابي، لكن وضع الأمور في حجمها الطبيعي الحقيقي مهم للغاية حتي لا يستفيد الارهاب من الفرقعات التي يحدثها عن طريق الاعلام، فالأثر المادي الذي يحدثه التفجير الارهابي في مكان ما يكون محدودا بحجم الخسائر، أما الأثر المعنوي له فيتضاعف كثيرا بقوة الاعلام وما يثيره من فزع وهلع من المنظمة الارهابية بما قد يدفع بعض الناس للرضوخ لسيطرتها وهي لم تصل اليه بعد. التفجيرات الدموية التي تحدث في العراق بين الحين والآخر، يسقط فيها المئات من القتلي والجرحي دون تمييز، من المفارقات أن العراقيين لم يعودوا يهلعون من تلك التفجيرات التي طالت أبناء الشعب العراقي بكل مكوناته وطوائفه ، لم تفرق بين فقير أوغني أو بين شخص متواضع يبحث عن عمل أو الزعماء من رؤساء وشيوخ القبائل. أعتقد أن ذلك الأسلوب الارهابي فقد بريقه وتأثيره علي الناس في العراق، ولو امتنعت وسائل الاعلام عن تغطية أخباره ونشر البيانات التي تدعي المسئولية عنه لاختفي تماما من الوجود، كما أن المخاطر المتنامية من تدهور الأوضاع الأمنية يخلق رغبة أكيدة لدي الناس في البحث عن الاستقرار والمحافظة عليه. الاعتداء الآثم الذي قام به ارهابيون في العراق ضد جماعة تصلي في كنيسة سيدة النجاة ببغداد وأودي بحياة العشرات من القتلي والمصابين من المسيحيين بالعراق هو في الواقع دليل افلاس الارهاب في العراق ومحاولة للفت الانتباه بشدة بخلق مشهد أو ساحة جديدة تجذب أنظار الاعلام، والدليل علي ذلك محاولة ساذجة لربط الجريمة الارهابية بتهديد الكنائس مصرية جريا وراء شائعات لا أساس لها من الصحة. المجتمع المصري كله كان حازما في هذا الموضوع، فقد أدان الجريمة الارهابية الموجهة ضد اخواننا المسيحيين في العراق، وشجب بقوة المحاولة الساذجة لربط تلك الأحداث بالكنائس المصرية، فالشعب المصري ليس في حاجة الي أولئك الارهابيين الذين استباحوا دم الشعب العراقي بدم بارد لكي يتعرضوا لأي موضوع يخص المصريين وحدهم وغير مسموح لغيرهم بالتدخل في شئونهم. الرئيس والحكومة والرأي العام في مجمله وتفاصيله والكنيسة والمسجد والمنتديات الخاصة، الجميع رفض ما ذهب اليه الارهابيون في العراق وشجب محاولة تحقيق شهرة بدأت تضمحل وتذوي علي حساب الوحدة الوطنية المصرية. أجري الرئيس مبارك اتصالا بقداسة البابا شنودة الثالث أكد خلاله رفضه الزج باسم مصر في العمل الإرهابي الذي استهدف إحدي الكنائس في بغداد، وإدانته لأية مخططات إرهابية تستهدف أقباط مصر، كما أكد الرئيس حرصه البالغ علي حماية أبناء الشعب بمسلميه وأقباطه من قوي الإرهاب والتطرف. الحكومة أعلنت أنه سيتم التعامل والتصدي بحزم لكل من يهدد الأمن القومي وأمن الكنائس المصرية، وأكد الدكتورمفيد شهاب - خلال زيارة قام بها لكنيسة ماري جرجس بمحرم بك بالإسكندرية، بحضور نخبة من المثقفين الأقباط من أبناء الكنيسة - أن الحكومة حريصة علي تنفيذ القانون بكل حسم في مواجهة محاولات المساس بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي. رموز الدين والفكر والسياسة في مصر- أيضا - ناشدوا الناس الانتباه لمحاولات توريطها في الوقيعة بين أبناء الوطن، فهذا البلد لا مكان فيه للتفرقة بين مسلم ومسيحي، ومن يحمل الجنسية المصرية هو مواطن مصري حر في اختيار دينه، له كل الحقوق وعليه كل الواجبات. لقد انشغل كثير من الباحثين والمؤسسات البحثية في البحث عن الجذور التاريخية والاجتماعية للارهاب باعتباره من أكثر الظواهر السياسية والأمنية تعقيدا، له أسبابه وله دوافعه التي قد يختلف حولها الباحثون، لكن المؤكد أن الارهاب تحول الي نوع من الأسلحة التي يستخدمها البعض للضرب تحت الحزام، وهو لايمكن أن يعيش الا اذا تنفس عن طريق الدعم الذي تقدمه بعض الدوائر الرسمية في بعض الدول بتقديم المأوي والمال والسلاح والتسهيلات اللوجستية، وكذلك الاعلام الذي يصنع هالة من الرعب والهلع حول تنظيمات القتلة.