يوافق اليوم يوم الحرية العالمي والذي بدأ الاحتفال به في عام 2001 بالرغم من أن المناسبة الرئيسية التي دعت إلي قيامه كانت قد حدثت في 9 نوفمبر 1989.. وكانت هي بداية عبور سور برلين الذي فصل ألمانياالغربية عن ألمانياالشرقية منذ عام 1961 وإلي ذلك التاريخ.. وكان الإعلان من قبل ألمانياالشرقية بالسماح لمواطنيها بعبور السور وزيارة برلينالغربية قد صاحبه الترحيب من الجانب الآخر وانتهي الأمر إلي هدم السور وتوحيد ألمانيا مرة أخري في العام التالي.. أما الاحتفال فقد دعت إليه الولاياتالمتحدة ويمثل بالنسبة لهم احتفالا بنهاية الاشتراكية من العالم وأيضا نهاية الحرب الباردة بين الكتلتين الشرقيةوالغربية بعد اختفاء ما يسمي بالكتلة الشرقية التي كان يجمعها الفكر الاشتراكي والسياسة والاقتصاد المنبعث عن هذا الفكر.. ويعتبر الغربيون أن نهاية الاشتراكية هي مناسبة للاحتفال بالحرية لأن الشعوب التي عاشت في ظل هذا الفكر عانت من كبت الحريات بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية الحديث.. وعلي الرغم من تراجع الاشتراكية كنظام سياسي اقتصادي احتل دولاً عديدة في الثلث الأوسط من القرن الماضي، ما تزال الأفكار الماركسية والمبادئ الاشتراكية تعيش في جانبين علي الأقل هما الجانب الأكاديمي الفكري، والجانب النقابي الحزبي.. وما زال للاشتراكية أتباع مخلصين يرون أنها قد تخلصت في شكلها الحديث من المساوئ والسلبيات التي كانت قد أصابتها علي يد الحكومات الديكتاتورية.. وأن كل ما تبقي فيها هو أصولها التي رسمها ماركس لتحقيق المساواة والوصول إلي أسمي معاني الإنسانية.. ومن العجيب أن بلدا واحدا لم يتخلص من اشتراكيته استطاع اجتياح العالم اقتصاديا في العقد الأخير من القرن الماضي واستمرت أسهمه في الارتفاع خلال القرن الجديد.. فقد استطاعت الصين وحدها أن تغزو بمنتجاتها أعرق البلدان الرأسمالية في أوروبا، والولاياتالمتحدة ذاتها.. هذا بالإضافة إلي غزو بلدان الشرق الأقصي والأوسط.. ولم تقف النظم السياسية الديكتاتورية في ذلك البلد حائلا دون النمو الاقتصادي المذهل الذي نما فيها.. وفي مصر وبالرغم من انحسار الاشتراكيين واختفائهم من الساحة السياسية في سنوات ما بعد التصحيح، إلا أنهم وفي ظل عصر الحريات الجديد عادوا للظهور مرة أخري يدعمهم ما أصاب الرأسمالية العالمية من هزات في القرن الجديد وصلت لحد الذروة في الأزمة الاقتصادية الأخيرة.. وصار ظهور الاشتراكيين الجدد في بلدان مختلفة مرتبطا بتلك التغيرات الرأسمالية الجديدة.. وجل ما يقومون به هو انتقاد ما يمكن الامساك به من سلبيات الرأسمالية من ناحية، وتقوية ومساندة حقوق العمال ومحدودي الدخل من ناحية أخري.. ولكن يوم الحرية سيبقي رغم كل هذا.. لا للدفاع عن نظام سياسي أو تأييد هيكل اقتصادي، ولكن لأن حرية الإنسان ستبقي أبد الدهر مطلب البشر جميعا مهما تحسنت ظروفهم المعيشية وتوافرت لديهم سبل الحياة المادية.. سيظل الإنسان يبحث عن حريته وينشدها في التفكير والتعبير، في الإيمان والاعتقاد، في الحب والانتماء.. وستبقي للحريات أهميتها في اختيار النظام السياسي لدي أي شعب علي قدر من الوعي، والإدراك، والاستفادة من دروس التاريخ والغير..