خلال لقاء جمعني مع مسئول في الحكومة، قال إنه يتمني أن يتحول الثامن والعشرين من الشهر الجاري إلي ما يشبه شم النسيم أو يوم العيد، والمعني كما يقول الوزير هو أن الحكومة التي ستجري انتخابات مجلس الشعب في عهدها تتمني أن يتحول يوم انتخابات مجلس الشعب الجديد إلي عيد للديمقراطية. أنا شخصيا أشارك الوزير أمنياته، فالانتخابات البرلمانية في الكثير من بلدان العالم يوم للديمقراطية، وللتعبير عن الرأي، بل هي أكثر مراحل التعبير تطورا، حيث يختار الناس من ينوب عنهم في إدارة الحياة العامة، والرقابة علي الأداء الحكومي، وفي الدول التي تطبق نظام الحكم البرلماني يختار المواطنون الحزب الذي يشكل الحكومة، فإما يجددون للحزب الحاكم، أو يسحبون منه الثقة، ويمنحونها لغيره. لكن في البلاد التي يتحول فيها يوم الانتخاب إلي عيد توجد تقاليد ديمقراطية راسخة ومرعية، منها الرغبة في المشاركة وتحمل المسئولية الديمقراطية الملقاة علي كاهل المواطنين، حيث لا تقل نسب التصويت عن 50% وقد ترتفع في بعض البلدان لتصل إلي 80%، لكن لا يمكن الحديث بأي حال من الأحوال عن عملية ديمقراطية مكتملة الأركان ونسب التصويت في الانتخابات العامة عندنا لا تزيد علي ربع الناخبين بأي حال من الأحوال. المواطنون هم أصحاب الانتخابات، وليس الأحزاب، وإذا تصورنا أن الانتخابات عملية تجارية فالمرشحون والأحزاب يتحولون فيها إلي سلع معروضة في السوق، يختار منها الناخب ما يريد، وتعتمد عوامل الجذب علي التسويق، والبرامج السياسية، والقدرة علي إقناع المشترين بضرورة الخروج من منازلهم وشراء الحزب أو المرشح. المشكلة أنه في مصر يحدث العكس تماماً فبعض المرشحين يشترون الناخبين، ويدفعون لهم للخروج من منازلهم والتصويت لهم في الانتخابات العامة، بينما يلجأ مرشحون آخرون إلي تسويد بطاقات الانتخاب نيابة عن المواطنين، ويشعل آخرون عنفاً ويستخدمون البلطجة لتخويف الناخبين، بحيث يبدو الخروج من المنازل والتوجه إلي المقار الانتخابية عملية غير مأمونة العواقب. لكن علاج كل هذه الظواهر السلبية يتوقف علي مدي وعي الناخبين، وإيمانهم بأن كل واحد يصنع بصوته مستقبل وطنه، وكلما زاد الإقبال تواري الظلاميون واختفوا، قد يستطيع مرشح ما شراء ألف صوت أو ألفين لكنه لن يستطيع شراء خمسين ألف صوت.. وقد يستطيع بلطجي أو عشرة تخويف مئات الناخبين لكنهم بالتأكيد لن يجرأوا علي الاقتراب من لجان يحتشد فيها الآلاف. إذا أردت أن يتحول الثامن والعشرين من نوفمبر إلي يوم للديمقراطية، وإذا أردت ان تساهم في مستقبل بلدك فاذهب للإدلاء بصوتك.. أما إذا جلست في بيتك فأنت تساعد علي غياب القانون وانتشار البلطجة والتزوير.