أشار الدكتور محمد أبو بكر حميد في مقدمة كتاب "علي أحمد باكثير.. سنوات المجد والإبداع والصراع"، الصادر عن دار مصر للطباعة، إلي أن باكثير (1910 - 1969) ليس أديبا سجل نتاجا إبداعيا مجردا ومضي؛ وإنما هو أديب ومفكر وصاحب موقف ورأي؛ حيث كان مجاهدا ومخلصا في الدفاع عن قضايا أمته ومبادئها وقيمتها، كما كان مناضلا عنيدا ضد الاستعمار، وعدوا لدودا للصهيونية. تسجل الفصول الأولي من الكتاب إبداعات باكثير وريادته وأمجاده منذ دخوله أرض مصر. أما الفصول الأخيرة فتقدم وثائق وشهادات علي السنوات المريرة من حياته التي أبعد فيها عن عرشه المسرحي، وتجاهله النقاد، وشن حملة ضارية عليه بعد عرضه مسرحية "حبل الغسيل" التي كشف فيها عن الشللية الفكرية في الوسط الفني والثقافي؛ حيث توفي بعد ذلك إثر نوبة قلبية حادة بمنزله في العاشر من نوفمبر عام 1969. وأكد المؤلف أن هذا الكتاب لا يؤرخ لحياة باكثير وفنه في مرحلتي مجده وانكساره، بقدر ما يقدم وثائق مهمة لأول مرة، وشهادات لرجال العصر تقدم وجهة نظر الطرف الذي لم تتح له الظروف - آنذاك - أن يعبر عن وجهة نظره، وفي الوقت نفسه تقدم للنقاد والباحثين مادة وثائقية جديدة تضيف مرحلة مجهولة لذلك العصر الزاهر من تاريخ المسرح المصري. تناول الفصل الأول "الانتشار" مرحلة الكفاح وتحقيق الذات عند باكثير منذ عام 1938 وحتي 1948؛ حيث وصفه الكاتب بأنه استطاع خلال سنوات قليلة أن يصبح واحدا من أبرز كتاب المسرحية والرواية، ومن أهم الأدباء العرب وأنضجهم في القرن العشرين، فقد تألق نجما سريعا بعد هجرته إلي مصر سنة 1934؛ وذلك لغزارة إنتاجه وتنوعه وريادته الفنية. أما الفصل الثاني من الكتاب فحمل عنوان "الازدهار"، ويعرض مرحلة تألق باكثير علي خشبة المسرح القومي (1948 - 1956)، كما وصفه الكاتب بأنه أديب العروبة والإسلام؛ فلكل وطن عربي وإسلامي في أدبه نصيب؛ ولذلك يستطيع كل منهم أن ينسبه له. وتحدث المؤلف في هذا الفصل عن مسرحيات باكثير والتي قسمها إلي قسمين، قبل النكبة، وبعد النكبة، مدعما بصور لعدد من المقالات التي كتبها باكثير موقعه بخط يده. وفي الفصل الثالث "مرحلة الحصار" (1956 - 1969) أشار المؤلف إلي أن باكثير قدم خلال تلك الفترة بعض أعماله المسرحية التي حققت نجاحا كبيرا خففت عنه بعض أحزانه بعد إبعاده عن "المسرح القومي"، فقدم أعماله في "مسرح التليفزيون" وغيره، ومن بين هذه المسرحيات "قطط وفيران"، "جلفدان هانم". وعرض الفصل الرابع "معركة حبل الغسيل" الهجوم الذي تم بشدة علي مسرحية "حبل الغسيل"؛ حيث طال هذا الهجوم مؤلفها في حملة صحفية كانت أقرب إلي التشهير والانتقام منها إلي النقد والحوار. وعرض الكاتب التقارير السرية للجنة القراءة التي كانت تهاجم باكثير، والتي حصل عليها الكاتب من مكتب باكثير في القاهرة. وفي الفصل الخامس والأخير "مأساة باكثير ومسئولية الضمير الأدبي" تناول الكاتب حكايات باكثير مع بعض الكتاب والأدباء وعلاقته بهم، وعرض بعض الخطابات التي كانت ترسل فيما بينهم.