العوا وتهديد القاعدة

لم أقرأ بيانًا لجماعة الإخوان، ولم أصادف موقفًا لأي من التيارات السلفية، يندد ويرفض التهديد الصادر عن إحدي جماعات تنظيم القاعدة في العراق، تلك التي قالت إنها تعطي 48 ساعة للكنائس المصرية للإفراج عمن سُمِّين بالأسيرات المسلمات في الأديرة المسيحية في مصر.
ولست أتوقع بيانًا واضحًا من الجماعة المحظورة، لم يحدث أبدًا أن أدانت الإرهاب أو التلويح به إدانة جدية، كما أنني لا أتوقع من الرجل الذي أثار لغطًا حول ما قال إن الأديرة والكنائس تخفيه، أن ينبري للتصدي لهذا التهديد بالقول وأن يدافع عن أمان دور العبادة المصرية.. أقصد بذلك الدكتور محمد سليم العوا.. وهو أحد أصوات الإخوان.. وإن صنفوه علي أنه ينتمي إلي مجموعة ما يعرف ب«الوسط».
هذا التهديد الذي يفرض عبئاً جديدًا علي الأوضاع الأمنية في مصر، حفظها الله من كل سوء، وحماها من كل خطر يحيق بها في إقليم متهور وأحمق تتخبط فيه كل الأوضاع وتختلط فيه كل الأوراق، هذا التهديد لا يجب الاستهانة به علي الإطلاق.. ليس لأنه خطر محدق.. فقد يكون مجرد كلام في الهواء الطلق.. ولكن لأنه تحفيز للعناصر التي تعبأ يوميا بخطاب التطرف.. سواء كان مصدره جماعة الإخوان أو تيارات السلف أو قنوات الحشو بالإفك من الأفكار أو أقلام الادعاء بالحديث باسم الدين.
هؤلاء الذين يدعون أنهم ضد العنف، ويزعمون أنهم الإسلام المعتدل،، ويخادعون الناس بكلمات لا تمسك، في حين أنهم يحرضون علي الطائفية وينظمون المظاهرات علي أبواب المساجد ويروجون الخرافات في برامج التليفزيون ومقالات نشرت بالفعل في صحف خاصة وتنافست عليها هذه الجريدة وتلك من بعدها.. هؤلاء جميعًا علينا أن نعلق في رقابهم المسئولية والاتهام حتي قبل أن تقع أي جريمة.. لأنهم مسئولون عنها ولو لم يخططوا وارتكبوها ولو لم تقع.. ففي أجناب الشوارع وداخل القري ودهاليز الحارات.. هناك من صدَّق كلامهم وتعبأ بفكرهم وترديداتهم.. والله أعلم كيف سيتصرف بعد أن يسمع هذا الكلام الآتي من العراق إثر مأساة مروعة تعرضت لها كنيسة هناك.
حسن بشندي الشاب المصري الذي ارتكب قبل سنوات حماقة شبه انتحارية، وجريمة إرهابية مروعة في حي الأزهر، لم يكن منضمًا إلي أي جماعة ولم يستغرق تحوله من مواطن مصري عادي إلي شخص يقترف جريمة إرهابية أكثر من ستة أشهر، عبر خلالها حواجز فكرية ووجد مناخًا دينيا متطرفًا وتلقينا لم يكن أصحابه يتعمدون أن يؤدي به إلي هذه الكارثة.. ولكنهم سوَّقوا فكرًا مأساويا.. كان أن أدي المصيبة.. ومن هنا تأتي خطورة ما رددته جماعة تابعة لتنظيم القاعدة في العراق.. إذًا ليس شرطًا أن تكون هناك خلايا نائمة في مصر.. ولكن تلك الأفكار التي تنقل في الصحف والقنوات وعلي ألسنة رموز الجماعة الإخوانية وفوق منابر بعض المساجد كفيلة كلها بأن تنشئ ألف خلية تتحول خطرًا ضد مصالح البلد وكنائسه ومساجده ومصالحه وبشره أيا ما كانت دياناتهم.
يجب ألا نستهين بهذا الذي صدر بعد مذبحة المسيحيين في العراق، ويحتاج الأمر إلي مزيد من الانتباه للمناخ الطائفي الذي تروجه الجماعات المتطرفة، خاصة إذا كان خطابها قد وجد صدي بأي شكل لدي جماعات أخري في الإقليم.. ربما قد قررت أن تدافع - من زاوية رؤيتها- عن مواقف معينة.. في ضوء الادعاء المتكرر من جماعات مثل الإخوان أنها غير قادرة علي حماية دين الإسلام في مصر.. وأن الحكومة تقف ضد ذلك.. وفي ضوء أن هناك فئات من الساذجين وجدت أن عليها أن تتظاهر أكثر من مرة علي أبواب المساجد من أجل من تعتقد أنهن أسيرات الكنيسة.
يا الله.. احم مصر.. ندعوك أن تقينا من أخطار يفتعلها مواطنونا ويحفرون الفخاخ للبسطاء كي يقعوا فيها.. أما القاعدة في العراق فإن أجهزة الأمن كفيلة بها.
البريد الإليكترونى: www.abkamal.net
الموقع الإليكترونى: abk@abkamal.net