كتب - محمود ابراهيم كل التجارب الانتخابية في العالم عرفت أشكالاًَ مختلفة من المقاطعة سواء كانت تلك المقاطعة لأهداف متعلقة بضمانات العملية الانتخابية أو لأهداف سياسية أخري. بل إن نفس الجدل حول المشاركة والمقاطعة ستجده علي حدودنا في الأردن الشقيقة حتي ليحار المرء عند قراءة حجج المشاركين و المقاطعين إذا كان حديثهم عن الأردن أم عن مصر بنظرة سريعة علي خريطة المقاطعين في مصر فستجدهم جميعا ينتمون لتيار واحد وإن اختلفوا فيما بينهم "وهي عادة أصيلة للمعارضة" المقاطعون في مصر لهم تجربة ربما تحتاج إلي تذكير في عام 2005 وخلال التعديل الدستوري للمادة 76 الذي جاء بمبادرة من الرئيس مبارك اعتراضا علي ما جاء في المادة قرروا المقاطعة. وبدلاً من حشد الناس للتصويت ضد المادة ذ من حقهم الاعتراض عليها - وهو الامر الطبيعي الا انهم تجمعوا أمام نقابة الصحفيين محدثين ضجيجا نجح في التغطية علي أهم تعديل دستوري عرفته مصر في تاريخها. النجاح في إثارة غبار لمعركة لم تكن وتشويه الصورة والعرس الدستوري في 2005 جعل هؤلاء يشعرون أن النجاح يكون عبر تلك الجلبة و الضجيج الذي تنقله الفضائيات المعروف توجهاتها علي انه معارضة حقيقية. المشاركة في الأساس هي عمل ايجابي له ثمن من وقت وجهد واحيانا كثيرة من المال ايضا ولكن المقاطعة كانت تستوي لولا انها الان بثمن هو إصدار تقارير ممولة طعنت في الانتخابات قبل ان تبدأ وعبر تدريبات مشبوهة تأتي لشركات مدنية - الأسماء موجودة لمن يريد - لا رقابة عليها و ليس للجمعيات و أصبحت لأول مرة في مصر المقاطعة لها ثمن مادي. وإذا اضفنا بجانب الثمن المادي والشهرة الاعلامية التي تصنع ابطالاً علي الشاشات لا يستطيعون الحصول علي أكثر من صوتهم في انتخابات فمن الطبيعي ان يطعن مقدما هؤلاء في نتيجة الانتخابات ناهيك طبعا عن بعض هؤلاء محروم أساسا من ممارسة حقوقه السياسية ومع ذلك احتفي به محترفي الضجيج بشكل جعلني اشك في انه نفس الشخص المحروم بل ان احد أشهر الداعين للمقاطعة و العائد من الخارج ربما لا يملك بطاقة انتخابية أصلا فلم نشاهده يوما يدلي بصوته في انتخابات قبل ان يعرف طريق البطولة الفضائية!! دخول الانتخابات هو الكاشف لأي قوي حقيقية ومن ناحية أخري المقاطعة تصنع ابطال بلا بطولات واستطيع ان اتنبأ من الان بما سيفعله هؤلاء سيدعون ذرغم المقاطعة- إلي وقفات في الاماكن المفضلة لهم في وسط القاهرة وسيدعون كل الفضائيات و يطلقون التصريحات و الهتافات وربما يصطنعون معارك ويستفزون الامن وحتي تكتمل الصورة التي يريدون اظهارها ورسمها عن واقع افتراضي مثل معارضتهم. حسنا فعلت الدولة بإعادة تنظيم وتقنين الأدوات التي يعتمد عليها هؤلاء في جلبتهم المزعجة وهو أمر يؤكد أن التجربة القادمة ستشهد منافسة حقيقية بعيدا عن تشويه الصورة والمشاركة السلبية للمقاطعين بتعطيل المسيرة . محام ومدرب حقوقي