وأخص بحديثي عن التجربة تجربة الإدارة للمؤسسة المسرحية وبالذات وضع خطة وسياسة عمل وفلسفة تحرك لكل الأنشطة ورائدنا في التجربة أو النموذج لها رموز ساطعة مثل جان فيلاد في فرنسا مثلاً أو نبيل الألفي وحمدي غيث في مصر. عندما يتم إسناد إدارة فرقة مسرحية لمخرج أو كاتب مسرحي متميز تتوقع (أسلوباً للعمل) ربما كان هذا الأسلوب هو أسلوب الكاتب أو المخرج أو فكرة أو حدود طموحه وقناعاته الثقافية والحرفية معاً. ولا أزعم أنه يمكن (فصل) ذاتية هذا المبدع عن إدارة (موضوعه) ولأنه ذات مبدعه كلفوه بإدارة هذه الفرقة، والفرقة المسرحية كيان بشري متعدد الوجوه وإطار مادي هو دار العرض والتمويل وربما في ذلك (إمكانيات) هذه الدار يدخل في هذه الإمكانيات (تاريخ الدار وإبداعها وتراثها وعلاقة التاريخية مع جمهورها ونقادها.. الخ). وعندما تسند لك إدارة فرقة مسرحية فسوف تراجع وبسرعة الظروف التي جعلت (السلطة العليا) تطلب منك القيام بهذا (الفعل) هو فعل يعني مجرد عمل أو وظيفة أو سد خانة، وربما بديل وربما سبب آخر لا تعرفه وسوف يكون دائماً هناك تشجيع من الإدارة مثل (نأمل منكم النهوض بهذا الموقع المنهار في ظل الشخص الذي سبقك)، وأحياناً يقولون «سوف تدير الموقع الخالد الذي قام بإدارته مطران وطليمات وفلان، إذن فأنت (أقل) من المنصب وعليك أن تكون في مستواه» وسوف يضيفون إلي حكاية مطران قائمة من الأمجاد التاريخية ويزيلون التراب والهباب عن آخر ظروف أذهبت (قيمة هذا التراث المتهالك) وعليك أن (تدعي، الفهم والتعاطف وتشمر عن ساعد الجد من أجل العمل علي (إسعاف) المسرح (الموجوووع). ربما يمضي لموقع مسرحي يديره ويمارس به أعواماً من النجاح أو الفشل دون أن (يعاني ارتباكاً روحياً أو نفسياً أو فكرياً) فهو يدير الموقع المسرحي مثلما يدير معرضا للسلع المعمرة أو أرشيفاً وخلاص المهم أن يحافظ علي الانضباط والانتظام وأن يقدم عروضاً وخلاص، وعندما يخرج بعد خدمته لا يذكر الناس (وجوده ولا فعله ولا أسلوبه ولا حتي أي إبداع إداري له علاقة بالفن) لقد كان (كويساً) وخلاص. ومما لا شك فيه أن (تألق) المدير رهن بتألق فرقته وامتيازها وهذا التألق يمكن أن يتحول إلي ازدهار في يد مددير لم يمارس إدارة فرقة مسرحية أو ليس مخرجاً ولا مؤلفاً ولقد حق الكاتب الكبير (أحمد حمروش) ومن بعده الأستاذ آمال المصرفي (نجاحاً) مرموقاً لأن المسرح القومي كان (متكاملاً) كفرقة من الناحية البشرية (نجوم كبار - دار عرض في حالة صحية طيبة، كتبة من المخرجين والمؤلفين وجمهور عريض وماض تليد فما المانع أن يزدهر آمال أو حمروش أو الألفي أو سميحة أيوب في ظل هذا الازدهار المتاح)، إن فشل المسرح في ظل أي قيادة من هذه القيادات فالفاشل طبعاً هو القائد وليس المسرح القومي. قد تكون قيادة فرقة راسخة وغنية مثل المسرح القومي شاقة للغاية فلابد من (أساليب نفسية ودبلوماسية) للتعامل مع بشر يحملون علي أكتافهم نياشين العز والخبرة والشهرة والإبهار ومع تقديم واجبات الاحترام والعرفان بالجميل والانحناء بكل هذا التاريخ لابد من (يد حديدية) تضمن حالة ضبط الإيقاع العام للفرقة وعروضها وسفرياتها.. ومن شاء فليرجع لمذكرات (حمروش). يا سلام - كانت أيام ولسه فيه برضه من تاني كلام.