ختمت مقال الأمس بعبارة (وللحديث بقية عن أحوال صحفيي الدستور مع إبراهيم عيسي وبعده..). وإذا كانت الدستور هي النموذج لما أكتبه اليوم.. فواقع حال الصحف الخاصة الموجهة (المستقلة سابقاً).. يفرض علينا سؤالاً محورياً، وهو: كيف سيعامل رئيس التحرير الجديد (صحفيي) الدستور؟، وكيف سيتعاملون هم معه.. خاصة أنه ليس شرطاً أن يكون رئيس التحرير الجديد علي خطي إبراهيم عيسي؟. ولقد رصدت بعض الملاحظات التي نتجت عن نقاش في هذا الموضوع بيني وبين الصديق أسامة سلامة، وهي: إن جميع تلك الصحف الخاصة.. ارتبط مصير الصحفيين الذين يعملون بها بشخص رئيس التحرير وتوجهاته السياسية والفكرية التي تفرض تدريجياً علي الجريدة، وما يتبع ذلك من تغيير تدريجي ليحل محلهم فريقه الصحفي المفضل.. وهو ما يعني عدم وجود نوع من الأمان لهؤلاء الصحفيين.. المحسوبين علي رئيس التحرير السابق. إن ترك السلطة لأصحاب الجرائد الخاصة ولرؤساء تحريرها للتعامل مع الصحفيين بدون أي ضوابط لحفظ حقوق الصحفيين هو نوع من إهدار حقوقهم، وتركهم بدون أي دعم أو مساندة. رغم أنه حق أصيل لنقابة الصحفيين في ممارسة دورها المفقود حالياً. أين المجلس الأعلي للصحافة وأين نقابة الصحفيين وأين قانون العمل.. من ترك هؤلاء الصحفيين بدون دعم ومساندة للحصول علي حقوقهم التي تهدر إذا حدث تغيير في رئاسة التحرير.. خاصة أنها تجارب تتكرر كثيراً، بل الأسوأ عندما تحدث في جريدة حزبية.. مثلما حدث مع جريدة الشعب التي تصدر عن حزب العمل الاشتراكي، ثم جريدة الشعب التي تعبر عن التيار الإسلامي؟ لماذا نترك هؤلاء الصحفيين في يد رؤساء التحرير أو في يد أصحاب الجريدة لمصيرهم الذي يختزل في بديلين لا ثالث لهما.. إما بإجبارهم علي تغيير أفكارهم واتجاهاتهم حسب رؤية رئيس التحرير الجديد أو بمعاقبتهم بسبب رفضهم للعمل بعد تغيير سياسية الجريدة التي عملوا فيها علي هذا الأساس؟ لماذا لا يتم إعداد نظام قانوني جديد للصحافة الخاصة.. يسمح للنقابة بأن تدخل طرفاً في العقد بين الصحفي وبين الجريدة الخاصة لضمان الحفاظ علي حقوقه التي يمكن أن تكون في شكل تعويض مادي مناسب لتركه الجريدة؟. إن التعويض هنا.. يحافظ علي تكوين شخصية الصحفي وتمسكه بمبادئه.. بدلاً من التزايد الذي حدث في السنوات الأخيرة لتلك الفئة الشاذة علي العمل الصحفي، وهي فئة تمتلك مقومات خاصة تجعلها قادرة علي التأقلم مع أي اتجاه.. طالما أن الرواتب والحوافز مجزية لهذا (التلون). حقاً.. مازالت الصحافة القومية رغم كل ما فيها، ورغم كل ما تعاني منه من مشكلات هي صمام الأمان الحقيقي لكل من يعمل بها.. بغض النظر عن تغيير رئيس تحريرها أو شخصيته وتوجهاته..