كتبت يوم الاثنين الماضي مقالاً بعنوان (دستور إبراهيم عيسي)، ولقد ذكرت فيه أنه من الواضح أن إبراهيم عيسي مصمم علي أن يقوم بدور (الشهيد).. لأنه قام بإرادته المنفردة بدق المسمار الأخير في إعلان نهاية رئاسته لتحرير جريدة «الدستور» بشكل (شيك) لا يرتبط فقط بمقتضيات أصحاب الجريدة الجدد وتوجهاتهم، بقدر ما يرتبط بمساحة الحرية في الجريدة حسب وجهة نظر إبراهيم عيسي، بشكل جيد ومرتب.. ليظهر وكأنه (ضحية) حرية الرأي والتعبير مثلما فعل مع تجربة «الدستور» الأولي، وذلك بعد أن قام بنشر مقال د. محمد سليم العوا الذي منعت جريدة «المصري اليوم» أو تم منعها من نشره خلال الأسبوع الماضي بعد أن نشرت الجزء الأول منه.. استكمالاً لحالة السجال الطائفي البغيض الذي بدأته بنشر تصريحات الأنبا بيشوي. ولقد أرسل لي أحمد عادل رسالة إلكترونية يقول فيها: (دعنا نتفق أنني لست من أنصار هذا التراشق سواء كان من العوا أو من بيشوي أو غيرهما من أبناء الوطن ورجالاته، وبالتالي لنتحدث عن المسمار الأخير في نعش إبراهيم عيسي وسؤالي: هو كيف تنتصرون للحريات بشكل عام، ولحرية الصحافة بشكل خاص.. عندما قررتم أن ما فعله لا يرتبط فقط بمقتضيات أصحاب الجريدة الجدد وتوجهاتهم بقدر ما يرتبط بمساحة الحرية في الجريدة.. ونحن بهذا أمام فرض أن عيسي كان عليه أن يمتثل لأصحاب الجريدة مثلما أشيع أيضاً عن ساويرس في أزمة العوا وهو ما يعد فعلا مسرحية طائفية عبثية وبدون ديمقراطية أو حرية صحافة لأنه في ظل غياب ذلك يصبح كل شيء ممكناً ومباحا ودون حساب أو عقاب لأنها أولاً وأخيراً مسرحية يجري إخراجها وإنتاجها من أصحاب المال والنفوذ، وبالتالي نتساءل: ما الذي يجعل الصحف القومية الحكومية أن تكون بعيدة عن هذا لأن الأمور تجري دون رضا أحد ممن هم خارج إطار أصحاب المصالح أو الذين هم قائمون علي العرض المسرحي. في النهاية نجد أنفسنا.. لا نعرف من هو الصادق ومن هو المزايد، وبالتالي هذا يجرنا إلي سؤال: ماذا لو لم يتم ما تخيلته من سيناريو.. وظل إبراهيم عيسي في مكانه، ولم تشهد الأيام القادمة أية مفاجآت أو توقعات.. هل بهذا يكون لم يكن إجراء استباقيا، وإنما كان اقتناعا بما يؤمن به؟). انتهت الرسالة، ويبقي التعليق عليها: إن الحرية سواء كانت بشكل عام أو حرية الصحافة.. هي في النهاية حرية مسئولة.. بمعني أنها ليست حرية في الفضاء الخارجي بدون أي ضوابط أو قواعد.. فتحت مفهوم الحرية المطلقة يمكن أن تحدث حالة من ازدراء الأديان مثلما يحدث الآن، أو حالة من التشهير بالشخصيات العامة. ليس لدي أي معلومات عن موضوع تدخل ساويرس في قضية د. العوا، وأجزم أنه ليس طرفاً في عملية المنع التي تمت بالتنسيق بين أحد رجال الأعمال وبين إدارة الجريدة بدعم من بعض الشخصيات العامة. لا أدافع عن الصحف القومية.. فلديها مشكلاتها، ولكني أعتقد أن الصحف القومية لكونها ليست مملوكة لرجال أعمال لهم توجهاتهم الخاصة، فليس لديها أجندة خاصة لأصحاب مصالح أو غيرهم.. وإذا حدث فهو تجاوز يجب تجريمه. الخروج (الشيك) لإبراهيم عيسي من الدستور.. كان مجرد توقع.. ثبتت حقيقته بناء علي خبرة سابقة له. وللحديث بقية عن أحوال صحفيي الدستور مع إبراهيم عيسي وبعده..