لم يكن الاجتماع الذي نظمته وزارة الخارجية الأسبوع الماضي بالسفراء الأفارقة مجرد اجتماع دوري.. للتواصل المعتاد بين السفارات الأفريقية المعتمدة ووزارة الخارجية أو تحديدا القطاع الأفريقي بالخارجية، لكنه كان مختلفا شكلا وموضوعا بما يعكس اهتماما واضحا بتسهيل عمل هذه البعثات وتفعيل دورها في دعم التواصل الجدي مع دولها، تشارك في المنصة ثلاثة من مساعدي وزير الخارجية وهم: السفيرة مني عمر مساعد الشئون الأفريقية التي رأست الاجتماع، والسفير محمد مصطفي كمال مساعد الشئون البرلمانية، والسفير أشرف الخولي مساعد الشئون المراسمية، ولكل منهم دور معين، فالأولي كانت تبادر بالاقتراحات وتنقل الاستفسارات العامة التي تتلقاها من السفراء، والثاني كان يشرح التطور الذي تشهده الحالة البرلمانية في مصر وكيفية تفعيل التواصل بين السفراء الأفارقة ومجلسي الشعب والشوري، بالإضافة إلي تعميق مفهوم الدبلوماسية الشعبية بأطروحات فاعلة تجمع البرلمانات الأفريقية بالبرلمان المصري بمجلسيه، في حين كانت مشاركة السفير الثالث معنية بموضوعات فنية بالأساس تتعلق بمسألة الحصانات والامتيازات الدبلوماسية المطبقة في مصر والقواعد المعمول بها لتسهيل عمل البعثات الدبلوماسية.. وبدا واضحا حرص الخارجية علي تواجد الإعلاميين في جميع جلسات الاجتماع بما يعكس قناعتها بالدور الإيجابي الذي من الممكن أن يضطلع به الإعلام في هذا الملف الحيوي والمهم. ولكن.. شهد الاجتماع شكوي علنية من جانب سفير كوت ديفوار ووافقه عليها زملاؤه من السفراء الأفارقة وهي أنه رغم الكلام الجيد الذي يدور في الاجتماع إلا أنه يتنافي مع حالة الإهمال التي يعانون منها من جانب بعض الوزارات والوزراء في الحكومة المصرية ورفض تسميتهم وقال: إن هذا الإهمال يتمثل في أنه إذا تقدم بطلب لمقابلة وزير فلا أحد يجيبه بالرفض أو الإيجاب ولا يتم الرد عليه من الأساس، مستفسرا: لماذا يتم التعامل علي هذا النحو وهنا جاء رد دبلوماسي من المنصة بأنه لا يوجد إهمال، لكن قد يكون الطلب ليس واضحا بالشكل الكافي الذي يشرح الغرض من اللقاء فقد يكون موضوع اللقاء يحتاج إعدادا ما من جانب المختصين في هذه الوزارة أو تلك لعرضه علي الوزير المطلوب لقاؤه حتي يكون اللقاء مثمرا والرد كما وصفته دبلوماسي، صحيح أنه أقنع الحضور، لكن البعد الأفريقي لم يعد مسئولية الخارجية وحدها بل مسئولية دولة بجميع أجهزتها وأدواتها السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية والمفترض أن الكل يعمل لهدف واحد، ولم يعد يصح أن يهدر كل هذا الجهد المصري بسبب تعال من جانب هذه الجهة أو تلك الوزارة أو هذا الوزير.. مسألة التعالي تفرق كثيرا كثيرا مع الأفارقة ولم يعد لها محل من الإعراب في التعامل مع عمقنا الاستراتيجي وأعتقد أنه مهما كان التعالي متملكا من أصحابه، فإن مصلحة هذا البلد تستحق الانحناء أمامها.