أكد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية أنه لم يعد مقبولاً أن تظل العضوية الدائمة في مجلس الأمن وهو الجهاز الرئيسي لحفظ السلم والأمن في العالم قائمة علي أسس قديمة ناتجة عن عصر ولي وانتهي وقال في كلمته أمام الدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك.. كم من أخطاء فادحة ارتكبها هذا المجلس وقع علي إثرها ضحايا أبرياء وكم من قرارات جحبها هذا المجلس كان بإمكانها أن تصحح المعادلات المختلة وأن تعيد الحقوق لأصحابها وبالتالي تستعيد ثقة الرأي العام العالمي في أدائه وحياديته. وشدد أبوالغيط علي أن انتماء مصر للعالم الإسلامي هو أمر معلوم للجميع مشيرًا إل أن أحداثا عديدة مؤسفة ومدانة صارت تمس الإسلام والمسلمين بشكل متكرر وممنهج في بعض الأحيان فمن تحرش برموز العقيدة ومقدساتها إلي التحرش بأتباعها وأضاف: نجد العالم الغربي في مجمله ينقاد إلي صدام في مواجهة العالم الإسلامي، صدام ليس في مصلحة أي طرف سوي المتطرفين وأصحاب الفكر الشاذ المنحرف علي الجانبين، صدام ليس في مصلحة الأمن والاستقرار في العالم، صدام لا قبل لأحد من المعتدلين به، صدام الفائز فيه خاسر والمنتصر فيه مهزوم. وقال إن التستر وراء دعاوي مدهشة في سذاجتها وسطحيتها مرفوضة في شكلها مئل الحق في حرية التعبير من أجل تكريس ممارسات ضد الإسلام وأتباعه لم يعد أمرًا مقبولاً من جانبنا وأن مصر ستستمر في بذل قصاري جهدها سياسيا وثقافيا وحضاريا ودينيا من أجل مجابهة تلك المخاطر، ودعا جميع الدول والحكومات إلي تحمل مسئولياتها في مواجهة شبح صدام ديني وحضاري مقيت مع سن قوانين تكفل حماية الأقليات ومقدساتها من اعتداءات المتجاوزين ومروجي الفتن. وشدد وزير الخارجية علي أن موضوع نزع السلاح ومكافحة الانتشار النووي يشغل موقعا متقدما علي أجندة الاهتمامات المصرية مجددا موقف مصر من أن التعامل بمعايير مزدوجة في موضوعات منع الانتشار ينتج عنه تهديد متواصل للاستقرار العالمي وقال إننا في الشرق الأوسط تحديدا نجد أن المساعي تتكثف بهدف زيادة التزامات الدول غير النووية الأطراف في معاهدة منع الانتشار دون الالتفات للأولوية التي يجب أن يمثلها تحقيق عالمية تلك المعاهدة في منطقتنا وإخضاع جميع المنشآت النووية في الشرق الأوسط إلي نظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية مشيرًا إلي أن هذا الوضع غير مريح ومبعث قلق مشددًا علي أن مصر ستعمل مع جميع الأطراف التي تشاركنا ذات المنطق من أجل التصدي لهذا الأمر وتغييره في المحافل الدولية ذات الصلة مشيرًا إلي الوثيقة المهمة التي صدرت عن مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي والتي تتصل بالشرق الأوسط تتضمن خطة عمل وإجراءات تهدف إلي تنفيذ قرار الشرق الأوسط الصادر عام 1995 مؤكدًا أن مصر ستتابع عن كثب جميع الخطوات المتخذة من أجل تنفيذ تلك الخطة بما في ذلك الإعداد الجاد لمؤتمر عام 2012. وفيما يخص القضية الفلسطينية قال أبوالغيط إن الأمل قائم بعد بدء المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلا أن فرص النجاح لا تزال ضئيلة وعلي الرغم من مثالب كثيرة شابت طريق الوصول إلي تلك المفاوضات إلا أن مصر تعتبر أن إعادة إطلاقها تعتبر فرصة مهمة يتعين عدم إضاعتها. وأضاف: علي الجانب الإسرائيلي أن يدرك أن المفاوضات ليست غاية في حد ذاتها ولا يجب أن تكون ملهاة أو مضيعة للوقت فالجدية يجب أن تكون هي الأساس والسمة المميزة للعملية التفاوضية وبدون الجدية والمصداقية فإن تلك العملية ستفقد سريعا أي تأييد ولو بسيط لها في الرأي العام علي الجانبين ومصر تري أن تلك المفاوضات تهدف- وكما أكد الراعي الأمريكي واللجنة الرباعية الدولية وفي جميع المناسبات- إلي انهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين من خلال انشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية والتي تشكل حدودها علي أساس خطوط 67 . وأضاف أنه كما قال الرئيس مبارك فإن علي الجانب الإسرائيلي اتخاذ القرارات الصعبة والضرورية من أجل التوصل إلي التسوية السياسية العادلة بما يسمح لشعوب ودول المنطقة أن تضع وراءها عقودا من الصراع والضحايا والموارد الضائعة. مشددا علي أن مسألة تجميد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي فوق الأرض الفلسطينية المحتلة أصبحت تشكل عاملا أساسيا في تحديد نوايا الجانب الإسرائيلي ومدي التزامه بإنجاح المفاوضات فإذا أخفقت إسرائيل في الالتزام بالاستمرار في تجميد نشاطها الاستيطاني فإنها بذلك تكون قد عرضت العملية التفاوضية للانهيار وتتحمل المسئولية كاملة أمام الرأي العام الاقليمي والدولي وأمام الراعي الأمريكي علي إضاعة الفرصة الثمينة التي وفرها الجهد الأمريكي الكبير وعلي أية تداعيات سلبية قد تتلو ذلك أما إذا اجتازت إسرائيل هذا الاختبار فإننا نتطلع إلي حسم سريع من الطرفين لمسألة الحدود بينهما والحلول في هذا الشأن معروفة للجميع وحسم تلك المسألة يجعلنا نتقدم خطوات مهمة إلي الأمام في تسوية النزاع معلنا تأييد مصر لأي عمل جاد من أجل استئناف المفاوضات المباشرة علي المساريون السوري واللبناني بما يسمح للدولتين باستعادة أراضيهما المحتلة ومن ثم التوصل إلي سلام شامل وتنفيذ المبادرة العربية للسلام - وبالتالي انهاء كامل للصراع العربي الإسرائيلي. ولفت أبوالغيط إلي أن لبنان يمر منذ فترة بتطورات سياسية لافتة تلقي بظلالها علي استقراره والسلم الأهلي فيه وتتابع مصر تلك التطورات عن قرب وتؤكد علي مساندتها الكاملة لمؤسسات الدولة اللبنانية ولإعلاء مفهوم الدولة اللبنانية وتأييدنا للأطراف التي تدعمه في مقابل الأصوات الداخلية منها والخارجية التي ترغب في أن يظل هذا البلد ساحة مواجهة سياسية وأمنية بل وأحيانا عسكرية لأطراف اقليمية ودولية مؤكدا علي تأييد مصر لعمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وتترقب نتائجها لأن التعرف علي حقيقة الجناة في الاغتيالات السياسية التي شهدتها لبنان من شأنه أن ينتهي إلي غير رجعه تلك الحقبة السيئة من تاريخه. وشدد أبوالغيط علي أن أمن منطقة الخليج العربي هو أحد الاهتمامات المصرية الرئيسية ومن أولويات سياستنا الخارجية وأن مصر تدرك تماما، ما يمثله كعمق استراتيجي للإخوه العرب. وأن مصر مستمرة في العمل من أجل صون الأمن القومي العربي في هذه المنطقة والتأكد من أية ترتيبات أمنية قد يتم التوصل إليها متوافقة مع متطلبات وشواغل الدول العربية مؤكدا في هذا الصدد علي الحاجة الملحة للتوصل إلي تسوية سياسية للملف النووي الإيراني خاصة أن التصعيد الخطير لهذا الموضوع يهدد بانفجار في الأوضاع وبشكل يهدد السلام والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم، وقال إننا لا نقبل بإطلاق تهديدات ضد دولة عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي إلا أننا نطلب في نفس الوقت أن تمتنع إيران عن كل ما من شأنه دفع الأمور إلي مواجهة مع القوي المختلفة في المجتمع الدولي وبما يهدد بتعقيد الوضع في المنطقة مؤكدا أن المطلوب هو أن يتمسك الجميع بالمفاوضات سبيلا للوصول إلي تسوية سياسية سلمية لهذا الملف.