ما أن يجتمع مصري مع مصري بالمهجر حتي تكون ثالثتهما مصلحة الأحوال المدنية، لقد تحولت هذه المقولة إلي نكتة مرّة يتندر بها المصريون في الولاياتالمتحدة وكندا، بعد أن أصبح الحصول علي جواز السفر الجديد وبطاقة الرقم القومي أمرًا صعب المنال لمئات الآلاف منهم، وبات ضروريا لمن لم يستطع الحصول علي الرقم القومي خلال الزيارة اليتيمة والمفاجئة لبعثة مشتركة من وزارتي الخارجية والداخلية قبل أكثر من عام أو من خلال «دوخته» لدي زيارته لمصر للحصول عليه، أن يقبل بتجديد جواز سفره المنتهي لمدة عامين ولمرة واحدة وأخيرة أو أن يكون محظوظًا ولديه شهادة ميلاد مميكنة تحمل رقمًا قوميا ليحصل علي جواز السفر الجديد صغير الحجم ولكن بمدة صلاحية لا تتجاوز العام الواحد ولحين ميسرة، صحيح أن السفارة المصرية وكذلك القنصليات المصرية المنتشرة في أنحاء الولاياتالمتحدة وكندا يبذلون قصاري جهدهم لمساعدة المصريين وتسهيل إجراءاتهم إلا أنهم محكومون في نهاية الأمر بإجراءات معقدة تلزمهم بها مصلحة الأحوال المدنية. والأمر هنا لا يقتصر فقط علي تجديد جواز السفر أو علي «دوخة» الحصول علي الرقم القومي بل يمتد نظرا لتعميم استخدام الرقم القومي علي معظم المعاملات التي يكون أي مصري مهاجر في حاجة إليها بدءا من معاملاته البنكية مع وطنه الأم ومرورًا بإجراءات تسجيل المعاملات العقارية وغيرها. عبثا طالب هؤلاء مرارًا بأن تتكرر زيارات بعثة وزارة الداخلية لاسيما أن الولاياتالمتحدة ليست مجرد بلد عادي بل ممتدة الأطراف وتكاد تكون قارة يستلزم حتي في حالة الإعلان عن وصول مثل هذه البعثات إبلاغ المصريين مبكرا ليتمكنوا من ترتيب أعمالهم وبالتالي سفرهم إلي أقرب قنصلية أو إلي السفارة بالعاصمة. لقد اشتكي لي طبيب مصري معروفًا وهو متقاعد منذ زمن من «وقف الحال» المترتب علي عدم حصوله علي الرقم القومي وعدم استطاعته لأسباب صحية السفر لمصر لاستخراجه مما يهدد بضياع حقوق أبنائه في ممتلكاته بمصر فلا هو استطاع حتي الحصول علي شهادة ميلاد مميكنة حسب طلب السفارة لتسهيل أموره حيث تشترط المصلحة أن يكون من يستخرجها نيابة عنه في مصر قريبًا من الدرجة الأولي، حيث رحل أشقاؤه عن الحياة منذ زمن، ولا هو يستطيع السفر لظروفه الصحية السابق ذكرها. هذه المعضلة يمكن أن تحلها وزارة الداخلية المصرية بالاتفاق مع وزارة الخارجية، علي الأقل من خلال منح القنصليات المصرية صلاحية استخراج الرقم القومي، أو علي الأقل تجديد جوازات السفر «القديم» بالجديد الأصغر حجمًا، لاسيما أنه لدي القنصليات بالفعل باع في استخراج جوازات السفر فكثير من هؤلاء المصريين سبق لهم مرارا تجديد جوازات سفرهم مرات عديدة ومعظهم مازال يحتفظ بالبطاقة الشخصية والعائلية القديمة، وهو ما سيوفر في نهاية الأمر عشرات الآلاف من الدولارات التي تنفق لتمويل رحلات البعثة الزائرة من القاهرة. وإذا لم يحدث ذلك فلا أقل من اسراع وزارة الداخلية بإرسال بعثات إلي جميع مقار القنصليات لا إلي بعضها كما حدث في المرة الوحيدة التي أتوا فيها ولم تتمكن الأغلبية من معرفة موعد الزيارة. ارجو من القائمين علي ذلك أن يقوموا سريعا بإيجاد حل لهذه المشكلة المتفاقمة، فصحيح أن كثيرًا من المصريين هنا لديهم جوازات سفر امريكية وكندية ولكن هناك كثيرون أيضا لا يحملون سوي بطاقة الجرين كارت وفي كلا الحالتين فإن هذا المبرر لا يعفي الحكومة من مسئولية حصول كل مصري علي حقه في أن يحمل جواز سفره المصري الذي لا يعوضه أي جواز سفر آخر لأنه ببساطة يمثل لديه الوطن. مديرة مكتب روزاليوسف في واشنطن