إن كانت الديمقراطية في معناها تحمل قيم المشاركة في صنع القرار وتنفيذه وهي إحدي القيم التي لا يجوز الاستغناء عنها او تجاوز معناها وتأتي في مرتبة مهمة جدا بالنظر الي تمتع الشعوب بالحقوق الانسانية التي كفلتها الدساتير والقوانين والاتفاقيات الدولية ولكن الديمقراطية كقيمة لا تتحقق فقط من خلال ممارسة العمل السياسي لكسب التأييد حول توجه فكري معين او تمثيل لفئات الشعب داخل المؤسسات التنظيمية علي قدر حاجتها لأن يتفهم البعض معناها وما يحويه مضمونها من كون تلك المشاركة تتأكد اذا كفلت للافراد وعلي اختلاف مواقعهم داخل الدولة القدرة علي ان يساهموا في تعزيز مشاركتهم في ادارة المجتمع علي نحو من الالتزام سواء كانت المشاركة في صنع قرار سياسي او في انجاح احد المشاريع التي تقدم خدمات يحتاجها المجتمع. فليست الديمقراطية تعبيرا عن نظرة الشعب الي السياسة وتقييمها والصراع حولها لاثبات سدادة الرأي وقوة المنطق علي قدر تعبيرها عن التزام جماعي يحترمه الجميع داخل الوطن من اجل تعزيز النجاح والحفاظ علي التقدم وفي ظل الاحداث التي تشهدها مصر الآن من تحولات في غاية الاهمية علي مسار الديمقراطية والاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والتي استفادت منه قطاعات عديدة داخل المجتمع وفي ظل وجود الامل ان تستفيد الشرائح التي لم تمكنها اوضاعها الاجتماعية والاقتصادية علي الاستفادة من مردود الاصلاح الاقتصادي الذي سيثمر في المستقبل عن تنوع فكري وعملي في شتي المجالات لا تحركه الدولة علي قدر مراقبتها له والحفاظ علي تقدم ادائه وبالشكل الذي يصبح معه المواطن هو صاحب التغيير وفاعله الرئيسي ومسبب الازدهار والمحافظ علي وجوده اجد بعض النقاط التي تستدعي من الضرورة ان نقف ونفكر فيها بعض الوقت حتي لا تتحول الديمقراطية والاصلاح الاقتصادي وبفعل ممارسات الافراد معبرة عن مصالح البعض علي حساب الآخرين، وتتمثل تلك النقاط في الآتي: 1- اصبحت المهارة والتخصص في الاعمال المهنية معيار تبوء الوظائف ذات الاهمية وتلك المهارات اصبحت تقتصر علي بعض النخب التي تستحوذ علي الالمام بقواعدها الفنية والقدرة علي تطويرها والاستفادة منها بشكل يحقق مصالح الفئات ذات القدرات المتطورة وعلي الجانب الآخر اصبح العديد من الموارد البشرية تفتقد الي التأهيل المناسب للانخراط في سوق العمل وشغل حيز معقول من تلك الوظائف وهو الامر الذي يستدعي تدخلا من جانب الفئة الاولي لنقل الخبرات والتجارب وعلي نحو طوعي الي الفئة الثانية للارتقاء بمهارات تلك الفئة والعمل علي ادماجها في اسواق العمل والاستفادة منه. 2- ضرورة العمل من قبل منظمات المجتمع المدني بما فيها النقابات العمالية والاحزاب السياسية علي تلبية احتياجات الافراد المتعلقة بتعزيز قدراتهم العلمية والعملية والاقتصادية بعيدا عن الانعطاف وتكريس الاهتمام الي الجوانب السياسية والتناحر من اجل تحقيق مطالب تبتعد عن الاحتياجات الحياتية الواقعية للمواطن المصري. 3- الالتفاف من قبل المواطنين وصانعي السياسات حول رؤية عامة وموحدة لا تحرم الافراد من التعددية وفي ذات الوقت ترسي قواعد اقتصادية وسياسية واجتماعية مشتركة ومجردة يعمل الجميع علي تحقيقها بحيث تمثل غايات مجتمعية لا يجوز الخروج عليها ويتفق الافراد حول احكامها. 4- الاستفادة من النظام اللامركزي في خلق حلول متفردة وتتناسب مع مشاكل التطبيق العملي للمركزية التي قد تفتقد احيانا الي الملائمة في تنفيذ سياستها بحيث تعمل مرونة اللامركزية في الحد من قسوة المركزية والتي قد تجد صعوبة في الانطباق علي جميع الحالات التي تندرج تحت احكامها وتخلق مجالا خصبا للروتين والتعقيدات الادارية والتنفيذية. 5 - ايجاد قواعد للمساءلة والشفافية لضمان تطبيق حيز اكبر من اللامركزية تعزيزا لمكافحة الفساد ومنعا من اسغلال الافراد لنفوذهم في تمرير السياسات التي تحقق لهم منافع شخصية بعيدا عن الصالح العام. 6- ارساء القواعد التي تعمل علي الحفاظ علي الابداع كاحد المكونات الاساسية في ادارة عمليات الانتاج وتسويقها ودعم القطاعات المختلفة التي تعزز فرص الابداع وتطويره. 7- الاعتماد علي رفع الكفاءة الانتاجية من خلال استيراد تكنولوجيا الانتاج والحد من استيراد السلع الاستهلاكية نحو الحرص علي رفع قدرات الموارد البشرية المحلية والحد من البطالة وزيادة الطاقة الانتاجية لوحدات الاقتصاد. وتلك النقاط تمثل نواة لا يفتقدها النظام و المجتمع المصري ككل علي العكس من ذلك فهي تمثل توجها محمودا له في الفترة الاخيرة ولكنه وعلي قدر تضمنه اياها تبرز حاجته الي ان تصبح اسسًا واضحة تترسخ في اذهان من يشاركون في صنع القرار فيه وتنفيذه وفي اذهان كل من يعنيه الامر في سبيل سعيهم الي تحسين اوضاع الفئات الفقيرة والمهمشة داخل المجتمع والحفاظ علي نمو مجتمعي لا يرتكز علي تقدم اقتصادي او دور سياسي يؤديه البعض بعيدا عن ارساء مبادئ العدالة المجتمعية التي ينشدها الجميع.