في الحلقة السابقة قام السفير الأمريكي لوسيوس باتل خلال فترة الستينيات التي سبقت العدوان الإسرائيلي علي مصر عام 1967 بتقييم فترة عمله في مصر يستمر هنا في ذلك الأمر فيقول إنه كان يقابل الكثيرين من المصريين فيما عدا تلك الفترات التي يحدث فيها توتر بين البلدين. ولا يعرف المرء أبدا ما يدور في عقل عبدالناصر ولكنه يعترف بأنه أجري مباحثات ممتعة معه كانت مفيدة جدا وكما قال من قبل فإن الوقت الذي كان يحدد له لمقابلة عبدالناصر كان نصف ساعة ولكنه ينتهي بالبقاء مع الرئيس لأكثر من ساعتين كان يحمل معه كتبا أمريكية حديثة حتي الكتب التي تنتقد عبدالناصر ويقترح عليه قراءتها. كان الرئيس عبدالناصر يضحك من ذلك ولكنه كان يريد قراءة كل شيء وخاصة فيما يتعلق بفترة رئاسة الرئيس كينيدي وفي المقابلة التالية كان الرئيس يشير إلي الكتب التي قرأها وكان يغضب في بعض الأحيان بسبب ما جاء في بعض هذه الكتب هذه صور لما اعتبره السفير علاقات ممتازة حميمة مع الرئيس عبدالناصر دائما كان يقابله علي إنفراد فيما عدا المقابلات التي يصحب فيها أحد أعضاء مجلس النواب أو الشيوخ الأمريكي لم يشعر السفير مطلقاً أنه تمت مقاطعته من قبل بعض الشخصيات في الفترة التي تلت إحراق المكتبة ويضيف أنه كانت له صداقات أخري ممتازة مع عدد من المصريين وخاصة محمد الزيات وهو يعمل علي الإبقاء علي اتصالاته مع عدد منهم حتي بعد تركه القاهرة. يشير السفير إلي أنه بالطبع لا يمكن للمرء أن يشعر بالطمأنينة الكاملة بما يقع من أحداث ولكنه يعتقد أن سفارته كان لديها من مصادر المعلومات مما يمكنها أن تكون واثقة من عملها استخدم الاتصالات التليفونية مع وثوقه الكامل أنه يتم التصنت عليها كان يقول لأحد أعضاء السفارة مسبقاً أنه سيتصل به تليفونيا ويعلق علي حدث ما وموقف مصر منه مقترحا أن في رأيه علي المصريين التصرف بطريقة معينة في بعض الأحيان تلقي ردود فعل علي ما قام به وفي إحدي المرات وجد أحد المسئولين بالخارجية يردد تقريبا تعليقا له تحدث به علي التليفون مما جعله يقول له إنه يبدو أنه علي علم بما يدور في ذهنه وسأله من أين استقصي ذلك فلم يجب المسئول المصري ولكنه ذكر أن الحكومة المصرية تنوي اتباع ما قاله علي التليفون وفي أحيان أخري كان رد فعل المصريين أسرع كثيرا مما تصوره بعد أن تصنتوا علي مكالمة له كانت هذه هي طبيعة الحياة في القاهرة ويجب أن تتعلم أن تتعامل معها كما هي وأن تحاول الاستفادة منها وهو ما أضاف إلي زيادة شعوره بالسعادة خلال فترة عمله بالقاهرة. يقول السفير باتل إنه خلال تلك الفترة حصلت السفارة علي مقر جديد للمكتبة بدلا من الذي تم إحراقه وقام الرئيس عبدالناصر بإهدائها هذا المقر قامت أمريكا بتجديده بالكامل وكان أفضل من نواحي كثيرة من المكتبة القديمة وفي موقع أحسن تم افتتاح المكتبة رسميا وحضر الحفل الممثل المعروف شارلتون هستون الذي كان يصور فيلما في القاهرة في تلك الفترة وتم تدشينها علي أنها «مكتبة كينيدي» وقام هستون خلال الحفل بقراءة خطاب كينيدي في حفل تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة كان الحفل مؤثرا والمكتبة لا تزال تعمل وقد زارها مرات خلال السنوات الأخيرة. يروي السفير الأمريكي باتل أيضا قصة مبني مقر السفير الأمريكي بالقاهرة وهي قصة كانت تتداول في القاهرة كثيرا وفي الأوساط الدبلوماسية أيضا إذ قال إن الولاياتالمتحدة لم تكن تمتلك المبني الذي خصص لمقر إقامته وهو من المباني التي تمت مصادرتها من مالكها بمعرفة الحكومة المصرية وقعت السفارة عقد الإيجار الذي انتهت مدته ولكن كان هناك تفاهم أنه يمكن للولايات المتحدة الاستمرار في استخدام المبني طوال المدة التي تشاء كان للحكومة الأمريكية صندوق به ما يعادل 200 مليون دولار بالجنيهات المصرية وهي أموال مجمدة لا يمكن استخدامها في أي غرض يؤدي إلي التضخم أو يؤثر سلبيا علي الاقتصاد المصري كان ذلك جزءاً من اتفاقية PL480 «الخاصة بتوريد قمح أمريكي لمصر مقابل جنيهات مصرية وليس بالدولار». شعر السفير أن الوقت قد حان لكي تمتلك الولاياتالمتحدة مقراً لسفيرها كان يريد شراء أحد المباني لأن الشروع في البناء عملية صعبة جدا في مصر خاصة إذا كانت طبقا للشروط الأمريكية وقام بالتصميم مهندس أمريكي كما تم في دول أخري ولكنه لم يكن مستعداً شخصياً للدخول في هذه العملية من جانبه إضافة إلي ذلك إذا قامت الولاياتالمتحدة بإنشاء بناء للمقر فأنها لا تستطيع استخدام الأموال المتجمدة وهو ما كان يريده ولكن في هذه الحالة كان يتعين عليها الدفع بالدولارات.. في الحلقة المقبلة يستمر السفير في رواية قصة هذا المبني الذي تضمن بعض الحوادث الطريفة. أمين عام الجمعية الافريقية