في مشهد لعله أشد المشاهد سخفًا في التاريخ قرر صناع المسلسل الجميل «زهرة وأزواجها الخمسة» أن يفسدوه بشكل مؤكد وحاسم، وهو المشهد الذي يظهر فيه المخرج المصري خالد يوسف نازلا علي سلم أحد الفنادق الفخمة فتراه زهرة بالمصادفة وتقرر في تلك اللحظة أن تهبط عليه بسرعة هبوطا اضطراريا كما يفعل الطيارون في حالة الحوادث المفاجئة ليكون هو الزوج الخامس. الأستاذ فلان؟ : نعم.. حضرتك متجوز؟ : لأ.. طب ممكن أعزم حضرتك علي فنجان قهوة؟ : عندي اجتماع دلوقت.. بعد الاجتماع.. ويبتعد خالد وتقترب الكاميرا من زهرة لتهمس للمتفرجين.. الزوج الخامس. أشك كثيرًا أن مصطفي محرم هو كاتب هذا المشهد بل أشك أن أحدا له صلة بالكتابة أصلا قد كتبه. في هذه اللحظة تكون كل الأبعاد الشخصية لزهرة التي حرص المسلسل علي تقديمها لساعات طويلة قد تم نسفها، ليست زهرة هي التي تنتظر شخصا ليقابلها بعد أن ينتهي اجتماعه مع آخرين، كما أن زهرة ليست هي الأنثي التي ترمي جتتها بكل هذا الوضوح علي أي شخص. الواقع أن المسئول عن هذا الخطأ هو محاولة كسر إيهام الحائط الرابع، وهو شيء من تراث دراما الستينيات البريختية،التي تصر علي إيقاظ المتفرج من أوهامه الجميلة وتحاول تذكيره طوال الوقت بأن ما يراه هو أحداث مصطنعة عليه ألا يستسلم لتصديقها. الهدف من المشهد هو إضافة شخصية مشهورة اجتماعيا في نهاية المسلسل واستغلال وجوده في تأكيد فكرة أن زهرة لا يقف في طريقها شيء وقادرة علي الاستيلاء علي أي شخص، فهل تحقق هذا الهدف؟ وأقدم وأشهر مثال ناجح لخدش الحائط الرابع في السينما المصرية كان في فيلم "غزل البنات" عندما تدخل التلميذة ليلي مراد وأستاذها نجيب الريحاني أحد البيوت بعد سماعهما موسيقي حية قوية وجميلة، عندها يكتشفان أن البيت هو بيت (الشخص) يوسف بك وهبة، وأن الموسيقي مصدرها أن (الشخص) الأستاذ محمد عبد الوهاب يقوم بتدريب فرقته الموسيقية علي أغنية جديدة (تصادف) أنها وثيقة الصلة بحب الأستاذ المستحيل لتلميذته. الصدفة هنا واردة تماما وليست بمستغربة أو مستبعدة، والهدف الفني والإنتاجي تحققا بنعومة، اشترك الاثنان في بطولة الفيلم. أما في مشهد الزوج الخامس فماذا تحقق؟ هل كان من حق زهرة أن تكون بهذا اليقين من أنها ستتزوج من خالد يوسف؟ ما تعرفه الناس جميعًا عن خالد يوسف أن الأنثي مهما كانت أنوثتها طاغية، تصلح فقط بطلة لفيلمه أو لأحد مشاهده، وحتي لو حتمت ظروف الانتاج هذا الاختيار، فكان من المحتم الاهتمام بكتابة المشهد إلي الدرجة التي تجعله قابلا للتصديق، تصور لو أن زهرة قالت له: أستاذ خالد.. أنا زهرة الزهراني صاحبة شركة الأزهار للانتاج السينمائي، ونحن نعمل في الانتاج مع شركة منبثقة من مترو جولدوين ماير، ولقد أرسلت لي الشركة تطلب مني أن أعرف رأيك في سيناريو جديد لفيلم يتم تصويره في أفريقيا، الفيلم عبارة عن خمسة وعشرين عالمة جميلة من كل أنحاء العالم وخمسة وعشرين عالما وسيما يقومون برحلة في غابات أفرقيا وتحدث بينهم جميعا أشياء وأشياء.. ممكن نقعد ناخد قهوة دلوقت وتقرا الملخص وبعدين نتكلم. لحظة صمت، يسألها: اوعي يكون فيهم حد إسرائيلي أو يهودي. معقول يا أستاذ خالد حاجة زي دي تفوتني.. أنا معايا كشف بأسماء كل العاملين في الفيلم.. حتي السواقين وعمال البوفيه.. والكشف بعته النقابة والنقيب كمان ح يلعب دور في الفيلم. خالد: ماشي.. نشرب القهوة.