أمام تحديات السوق الحرة، والمفتوح، وآليات السوق وغيرها من مفاهيم رأسمالية «متوحشة» أمام مستهلك مصري، محدود الدخل، وطبقة وسطي متدنية الأجور، وغير قادرة علي تحمل تلك الآليات وتلك الاحتكارات، وسوء إدارة الاقتصاد الوطني ومشاكل في التعليم والبحث العلمي، ومثلها في المرافق الأساسية، خاصة أسعار تلك الخدمات الغالية القيمة أمام مستهلك يبحث عن وسيلة نقل محترمة في البلد لنقله إلي مقر عمله، دون التعرض لحادث في ميكروباص غبي يقوده مخمور أو مخَّدرْ. مجموعة من المشاكل أهمها، مشكلة الغذاء وتحجيم أسعار السلع الغذائية الملتهبة دون أي قدرة من الحكومة علي التدخل في تحديد سعر، حيث تلك هي آليات السوق! ولا يمكن أن نطمح في مشاركة شعبية في اتخاذ قرار للمستقبل وتحديد شكل نظام الحكم في البلاد إلا باسترضاء المواطن المصري حيث هو الهدف، الهدف بأن نسهل له حياة كريمة، ونساعده في الحصول علي مستلزماته بأسعار تناسب دخله. وهذا يأتي بعدة سياسات، أذكر منها اليوم أهمية إنشاء صندوق لموازنة الأسعار. وهو أن نعوض الفلاح المصري من هذا الصندوق حينما تتدني الأسعار العالمية للمحاصيل الزراعية، وهذا يؤمن الغذاء من المنبع لشعب مصر. ولعل في حديث سابق تحدثت عن أهمية شراء القمح والفول والذرة من الفلاح المصري بالأسعار العالمية السائدة (بالدولار) ولا يبخل بمائة جنيه أو مائة دولار زيادة للمنتج الزراعي المصري، حيث إن القيمة السعرية رغم (غلوها) سوف تبقي في البلاد، ولن تخرج مع المستوردين للحبوب من خارج مصر، حتي ولو بسعر أقل مائة دولار أو جنيه علي السواء. ولعل ذلك الصندوق الذي يؤمن للفلاح تعويضا مناسبا يسمح له بإعادة تركيبة المحاصيل المنزرعة طبقا لاحتياجاتنا الوطنية من تلك المحاصيل. ولعل إنشاء مثل هذا الصندوق أوفر كثيرا بل يتعدي في أهميته إنشاء صناديق تافهة نسمع عنها في مصر، مثل صندوق تنمية الثقافة أو صندوق التنمية المحلية أو صندوق (علي بابا والأربعين حرامي). إن الصناديق المنشأة في مصر التي تعمل تحت سلطات غير دستورية وغير قانونية وخارج نطاق المحاسبة من الجهاز المركزي للمحاسبات هي إهدار حقيقي للمال العام، وسرقة علنية لعرق ودم شعب مصر، نحن في أشد الاحتياج لمراجعة القوانين المنظمة لمثل هذه الصناديق وتوجيهها إلي مائة فائدة عامة وليست خصوصية!