الفنان يحتاج للمادة لكي يحيا.. طبعا الكونت تولوز لوترك لم يكن يحتاج للمال.. كان الفن حياته ومخرجه من هذا الجسد الذي تحطم بسبب حادث وقوع من حصان جعله رجلا في شكل قزم لا تنمو أقدامه، الفن يساعدنا جميعا علي الإنسانية أي علي الحياة الحقيقية، الإنسان هو المنتج والمبدع الوحيد في الكون الذي خلقه الله سبحانه تعالي.. الإنسان عماد الإنتاج والاقتصاد الرأسمالي، الفن وكما شرح أستاذي الفاضل المرحوم كنث جول براس هو جزء كبير من علم الاقتصاد كما هو واضح في إيطاليا وكثير من الصناعات الفنية في فرنسا وكثير من الدول الأخري. الإنسان جسد وروح ولا يمكن أن يكون هناك جسد بدون روح ولا روح بدون جسد.. المادة هي الجسد.. الاقتصاد هو الجسد ولكن الفن هو الروح وبدون الفن لا يمكن أن تكتمل الحياة ويصبح الإنسان إنسانًا، ممكن أن يصبح الإنسان جورج بوش الابن ولكنه لا يمكن أن يصبح جمال الغيطاني علي سبيل المثال الذي يتعافي في هذه اللحظة من عملية كبيرة أجريت له في كليفلاند الولاياتالمتحدة منذ عدة أيام ونتمني من الله سبحانه وتعالي أن يعود لنا قريبا لأنه جزء مهم من إنسانية مصر العظيمة. لذلك أرجو أن تكون حادثة سرقة لوحة فان جوخ سببًا لأن تدرس حياة وفن فان خوج وليس فقط سعر لوحاته، عاش فان جوخ في فقر قاتل ولولا أخوه الذي كان متيسر الحال لمات جوعا. كان فان جوخ كريمًا يحب الفقراء ويتألم لألم أي إنسان حوله. كانت له علاقة متوترة مع فنان آخر وهو بول جوجان الفرنسي. كان فان جوخ في البداية يرسم حياة العمال والفلاحين المساكين للدفاع عن قضيتهم.. كان يقف في الشمس الحارقة ليرسم حرارة الشمس ويقف في صقيع البرد لتنطق لوحاته بأحاسيسه.. لم يكن فان جوخ عضوًا عاديا في المدرسة التأثيرية بل كان مؤسسًا مهمًا لمدرسة أكثر عمقًا وهي المدرسة التعبيرية.. كان فان جوخ أولا وأخيرًا إنسانًا وكون لوحاته الآن هي جزء من بورصة الأوراق المالية لا يغير شيئًا من أهميته الحقيقية في التعبير عن فكرة أساسية وهي أن الإنسان هو البداية والإنسان هو النهاية ولا نتجاوز ذلك إلا عندما يصعد الإنسان إلي خالقه.