مدير برنامج السياسة الخارجية في معهد بروكنز نقلا عن نيويورك تايمز ترجمة: هاشم عبدالحميد الآن وبعد أن نجح الرئيس أوباما في إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلي طاولة المفاوضات رفض المعلقون إمكانية نجاح أي فرص للتوصل إلي إتفاق سلام، ولكن هناك أربعة عوامل ميزت المحادثات المباشرة التي ستجري غدا في واشنطن أكثر من غيرها من أي محاولات سابقة، لعدة أسباب تدعو إلي التفاؤل. أولا: تعاني إسرائيل من الهجمات الانتحارية وتعاني المنطقة من العنف بشكل مستمر منذ عام 1990 وهو الأمر الذي يقوض قدرة قادتها إلي تبرير أي تنازلات ملموسة، واعتقد الإسرائيليون أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يلعب لعبة مزدوجة بتبنيه للسلام في المفاوضات بينما يسمح للانتحاريين بالعمل في جزء من المفترض أنه يحكمه. أما اليوم فإن السلطة الفلسطينية تضبط أراضيها في الضفة الغربية لمنع وقوع أي هجمات عنيفة ضد الإسرائيليين وإثبات أنها يمكن الوثوق فيها كشريك في المفاوضات، وحماس تتخوف بشكل كبير من التدخل الإسرائيلي في غزة وهو ما قد يؤدي لإزاحتها من علي سدة السلطة. وتهدف هذه الجهود جنبا إلي جنب مع الإسرائيليين لإجراءات أمنية أكثر فاعلية فعدد المدنيين الإسرائيليين الذين قتلوا في الهجمات الانتحارية قد انخفض منذ الانتفاضة الثانية بشكل كبير وصولا إلي قتيلين فقط هذا العام. ثانيا: تباطؤ النظام الاستيطاني بشكل ملحوظ نتيجة لوقف الاستيطان الإسرائيلي منذ عشرة أشهر ولم يبلغ ببناء أي مسكن جديد في الضفة الغربية للمركز الإسرائيلي للإحصاء منذ الربع الأول من هذا العام، ما هو أكثر من ذلك إنه بالكاد تبني مشاريع سكنية في القدسالشرقية منذ الضجة التي أثيرت في مارس من جانب نائب الرئيس جو بايدن خلال زيارته للقدس احتج خلالها علي إعلان بناء 1600 وحدة سكنية وهدم مساكن فلسطينية. من المرجح أن ينتهي تجميد الاستيطان في السادس والعشرين من سبتمبر إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من المرجح أن يمد هذا التجميد حيث أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أنه سينسحب من المفاوضات في حال استئناف النشاط الاستيطاني. ومع ذلك فإنه من الممكن ان يكون هناك حل وسط قابل للتطبيق إذا كان نتانياهو سيقيد بناء هذا النمو المتواضع من الكتل الاستيطانية التي من المرجح أن يتم استيعابها داخل إسرائيل ضمن الاتفاق النهائي في حين تحدث تغييرات من شأنها تقديم فرق حقيقي للفلسطينيين في الضفة الغربية، يمكن لإسرائيل أن تعد بعدم خوض المزيد من عمليات التوغل للجيش في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية بل قد تسمح أيضا للشرطة الفلسطينية بالقيام بدوريات في معظم قري الضفة الغربية. ثالثا: الجمهور علي الجانبين يدعم الحل القائم علي الدولتين وكذلك الحال بالنسبة لغالبية العرب، فالحقيقة البسيطة هي أن معظم الناس في الشرق الأوسط استنفذوا بسبب هذا الصراع وإذا كان عباس ونتانياهو يستطيعان التوصل إلي اتفاق قابل للاستمرار فالجمهور بغالبية كبيرة سيدعم جميع الأطراف. نعم سيواجه نتانياهو معارضة صاخبة من داخل حزب الليكود لكنه يمكن أن يتكئ علي اليسار الإسرائيلي لضمان وجود أغلبية في الكنيست كما سيحصل الاستفتاء علي إقامة دولة فلسطينية بتأييد ساحق في غزة والضفة الغربية وستضطر حماس للانسجام مع الرأي العام الفلسطيني وستواجه صعوبة في الوقوف في طريقه. رابعا: لن يستغرق الكثير من الوقت في التفاوض فخلال 17 عاما منذ توقيع اتفاق أوسلو ومفاوضات الوضع النهائي تم تناولها بشكل مستفيض في جميع قضاياها الحاسمة وإذا كانت دولة فلسطينية ستنشأ في المنطقة باتفاق واضح وضروري وستكون مقايضاته معروفة مسبقا، تم الاتفاق علي الترتيبات الأمنية كافة في عام 200 بكامب ديفيد قبل أن تنهار المحادثات بالتزامن مع التهديد المتزايد من جانب الهجمات الصاروخية ومنذ ذلك الحين وقعت تطورات أخري تتطلب من الجانبين الاتفاق بشكل أكثر صرامة لنشر قوات علي الحدود ونشر قوة من طرف ثالث في وادي الأردن، وسنة واحدة مؤقتة كافية لحسم هذا الأمر، في الواقع إذا كان القادة مخلصين في نيتهم لعقد الصفقة فالمماطلة في المفاوضات ستضعفهم سياسيا وستعطي الوقت لمعارضي السلام لحشد قوتهم. هل الرئيس عباس بالفعل لديه الشجاعة لتقديم تنازلات ضرورية من أجل شعبه لاسيما فيما يتعلق بالتضحية فيما يخص " حق العودة " إلي إسرائيل؟ هل رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لديه العزم علي الانسحاب مما لا يقل عن 95% من الضفة الغربية وقبول عاصمة فلسطينية بالقدسالشرقية العربية؟ هل الرئيس أوباما لا يملك الحنكة لإقناع كلا الطرفين علي الاتفاق وطمأنتهم أن الولاياتالمتحدة سوف تضمن وجود شبكة أمان حتي لا تفشل؟. في نهاية ولاية الرئيس كلينتون لاحظ شيمون بيريز أن التاريخ مثل الحصان لا يركض إلي الماضي وأن الاختبار الحقيقي هو اختبار قدرة هذا الحصان علي القفز من النافذة وعرفات فشل في هذا الاختبار وترك الفلسطينيين والإسرائيليين غارقين في الصراع ولا ندري إذا كان عباس ونتانياهو سيقومان بقفزة خطيرة سياسيا ولكن في الوقت الراهن يجب أن نهجر حالة عدم اليقين ونرحب بالحقائق الدبلوماسية الأمريكية والتي سرعان ما ستخضع للاختبار.