انتهز فرصة شهر رمضان الكريم الذي تسلسل فيه الشياطين لأتحدث عنهم وأنا آمن من شرهم!. وإن كان بعضهم يلبس أقنعة البشر ويمشي بيننا في الأسواق ويحتفل معنا برمضان.أمال مين في شهر الرحمة اللي بيرفع الأسعار؟ ومين الدكاترة اللي بيختنوا فيه البنات فيمتن علي أياديهم؟ ومين اللي بيسرق فيه لوحة الخشخاش؟ ومين اللي بيغتصب فيه النساء؟ (راجع صفحات الحوادث في الصحف طوال الشهر). مش كل دول شياطين بأقنعة البشر؟!. والشياطين هم أولاد عم الأشباح والعفاريت. من منا لم يشاهد هذه المخلوقات بعينيه وهو صغير أو كبير؟ بلاش. من منا لم يقرأ عنهم القصص والحكايات أو سمع عنهم وهو صغير من الأجداد والجدات أو وهو كبير من الأصحاب والمعارف ؟. أنا شخصيا سمعت منذ سنوات من الأستاذ أنيس منصور خلال عشاء في منزله ضم بعض المثقفين عن رجل كان يحضر عفاريت صغيرة الحجم تفعل الأعاجيب والمعجزات وحكي عن عفريت شقي بحجم طفل صغنن دل أحدهم علي المكتوب في الملفات الموجودة علي مكتب وزير الداخلية. كان فاروق حسني وزير الثقافة يستمع صامتا لكنه عند هذا الحد نطق فسأل الأستاذ أنيس( طب ليه ما بعتناش العفريت ده كان يقرأ لنا الأوراق الموجودة علي مكتب موشي ديان قبل حرب 67 ) ورد الأستاذ أنيس في الحال ( وهذا فعلا ما حدث). وبعدها انتقل الحديث إلي موضوع آخر. ولأن الأبحاث العلمية عن العفاريت والأشباح قليلة،أسمح لنفسي ببعض الاستنتاجات.منها أنها علي نوعين. النوع الأول صديقة للبيئة!.بيئتنا نحن في هذه المنطقة من العالم.وهي تساعدنا علي الأعداء. ففي تراثنا التليد عفاريت صديقة كأنها من الملائكة تقدم لنا مساعدات شتي. فهي تنقذنا من الأخطار التي تهددنا وتحقق لنا كل أمانينا. وتدلنا علي كنوز علي بابا وتأتي لنا بالحبيب البعيد وتغششنا الإجابات الصحيحة في الامتحانات. وتمدنا بقوة سحرية فنركب علي ظهرها لتطير بنا في الفضاء وتنقلنا إلي أبعد مكان في غمضة عين. فلا نحتاج إلي طائرة أو قمر صناعي إلي آخر ما يبدعه (من البدع وليس الاختراعات) عفاريت الكفرة التي تخدم الأعداء من أتباع الشياطين.والنوع الثاني من العفاريت هم هؤلاء الأعداء أنفسهم .وهم ليسوا منا. لا من جنسنا أو عرقنا أو ديننا. أما الأشباح فهي أرواح الموتي التي تعود في زيارات تطول أو تقصر لتتدخل في حياتنا.وهي قديمة قدم العفاريت فقد عرفها الإنسان البدائي عندما كان يفكر في غياب الآباء والأجداد فيري أرواحهم تعود في أحلامه أو كوابيسه فيظن الحلم حقيقة. يحكيه للآخر كأنه حدث. وبتكرار الناس لحكاياتهم عن الأشباح يبدأ الجميع في رؤية الأشباح بدورهم ليس في أحلامهم فقط بل يمتد ذلك إلي توهمه في الواقع.خاصة والحلم نفسه كالوهم. فنحن ننام ونصحو فنقول إننا رأينا حلما. والواقع أننا لم نر شيئا بل كان عقلنا يفكر ونحن نيام. والحلم غامض عادة لأنه ليس شيئا نراه. فالتفكير عملية تجريد وليس تجسيدا حتي وإن اشتمل علي صور فهي صور ذهنية ولهذا فالصور في الأحلام غير كاملة ومبهمة. فنحن نفكر أننا أمام بحر ولا نري البحر. فكيف نراه ونحن في غرفة نومنا المغلقة؟. والحلم ينبع من مخاوفنا من أمر نفكر فيه أثناء اليوم ونكمل التفكير فيه ونحن نيام. والحلم ينبع أيضا من أمانينا ورغباتنا. وكلمة حلم تعني ما نظن أننا نراه أثناء النوم ويعني أيضا ما نتمناه أثناء الصحو فنقول نحن نحلم بأن نفعل الشيء الفلاني - معاذ الله - بل أن يحدث لنا الشيء العلاني بدون أن نفعل شيئا!. بالطبع لا نري الأشباح. لكننا نستدعيها في ذهننا عندما نفكر فيها فيخيل لنا أننا نراها. وتمر في خيالنا وقد تظهر لنا في صحونا أيضا للسببين أولهما لأننا نريد أن نراها لأننا نحبها! علي الأقل لأنها من اختراعنا! والسبب الثاني لأننا نخاف منها. في حالة التمني تكون أشباحا طيبة مثل أشباح أهلنا.تأتي أرواحهم لتسكن فينا وتوجهنا. فهي تساعدنا وتنصحنا كما كان الآباء يفعلون معنا ونحن صغار قبل أن يفارقونا وأشباح أجدادنا الذين كنا نقبل أياديهم ونضع أعيننا في الأرض في حضرتهم ولا نخالف لهم رأيا ونطيع أوامرهم والويل لنا من غضبهم علينا. ولهذا السبب تري الكثير من الناس وهم في يقظتهم يرددون كالببغاء كل الأقوال القديمة التي عفا عليها الزمن كأنها حقائق يتمسكون بها اليوم وغدا وإلي ما شاء الله. ويؤمنون بالأشباح التي ستدافع عنا وتحقق لنا أمانينا وما علينا إلا الصبر. في الحالة الثانية أي الخوف .. عندنا المثل الذي يقول (اللي يخاف م العفريت يطلع له). والأشباح التي تطلع لنا هي أرواح الموتي الأشرار التي نظن أنها تعود من الموت لتنتقم منا فتهددنا وتبعث الرعب في قلوبنا سواء في كوابيسنا أو في صحونا فهي قادرة علي أن تلبس أجسادنا وأرواحنا فتجعلنا نهذي بكلام يختلف عن كلامنا ونسلك سلوكا ليس هو سلوكنا القويم. عندئذ نستعين علي هذه الأشباح والعفاريت والجن بالزار. ولهذا السبب فالاختلاف في الرأي عن رأي المجموع السائد يبدو كأنه هذيان شخص تلبس جسده وروحه العفاريت والجن والأشباح غير الصديقة ويحتاج إلي زار يتضمن شعائره جلده بالكرابيج لإخراج هذه المخلوقات من بين أصابع قدميه فكلها من أتباع الشيطان الرجيم. والله أعلم.