«أوجه التشابه العشرة» كتاب جديد يتناول العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في العالم ويركز بشكل أكبر علي دول إفريقيا والشرق الأوسط ويرصد تعايش أهل الديانتين معا في مناطق وتصارعهم في مناطق أخري، كما تتناول مؤلفته الباحثة اليزا جريسوولد الشريحة الجغرافية للعالم الإسلامي في كل من إفريقيا وآسيا وتسوق أحداثًا وقصصًا مختلفة من رحلاتها في نيجيريا والسودان والصومال وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وتحلل بمنطق مغاير مؤكدة أن جغرافيا المكان كانت سببا في تطرف عدد من أتباع كل دين علي حدة وبالتالي سببا في حدوث الصراعات. وتحلل جريسوولد كيف أثرت الطبيعة الاستوائية والتاريخ والموارد المتباينة في الغابات والصحراء بالإضافة للمناخ والاتجاهات الديموجرافية علي الصراع بين الأديان وكيف أن الانفجار السكاني وتزايد المسيحية في إفريقيا في الخمسين سنة الأخيرة مع زحف المسلمين جنوبا هربا من التصحر في الشمال يزيد من الصراعات بين أتباع الديانتين علي الموارد الثمينة مثل النفط والخشب والمعادن. وتصحح جريسوولد كثيرًا من المفاهيم لدي الغرب الذي يعتقد أن الثقل الإسلامي يتركز في الشرق الأوسط بقولها إنه علي العكس من ذلك إذ يتركز الربع فقط من مسلمي العالم البالغ عددهم 1.57 مليار نسمة في الشرق الأوسط وهو ما يمحو الفكرة السائدة بأن المسلمين هم العرب والعرب هم المسلمون فعدد المسلمين في ألمانيا أكثر من عددهم في لبنان، وعددهم في الصين أكثر من سوريا، وعددهم في روسيا يفوق عددهم في الأردن وليبيا معا، وعددهم في إثيوبيا يماثل تقريبا عددهم في أفغانستان. والعدد الأكبر من المسلمين يعيش في آسيا حيث يوجد هناك أكثر من 60% من عدد المسلمين في العالم ويعيش نحو 20% من المسلمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا و15% في دول جنوب الصحراء الأفريقية و2.4% في أوروبا و0.3% في الأمريكتين. وتقول جريسوولد إنه من خلال رحلاتها شعرت بأن الاختلاف ليس عقائديا ولا علاقة له بالدين بقدر ما هو خلاف سياسي واقتصادي لتحديد من يكون له اليد العليا في الأمر، وتركز جريسوولد علي نيجيريا باعتبارها الدولة الأكبر من حيث عدد السكان في إفريقيا إذ يبلغ عدد سكانها 140 مليون نسمة، كما أنها خامس أكبر مورد للنفط إلي أمريكا، وهي تنقسم بين شمال مسلم وجنوب مسيحي، وقد تسبب فيها النزاع الطائفي في مقتل عشرات الآلاف من الجانبين إلا أن الخلافات سياسية واقتصادية وعرقية وليست خلافات مذهبية بالأصل إلا أن هناك من يروج لها باعتبارها خلافات دينية ومذهبية حتي لا يركز أحد علي الخلافات السياسية والاقتصادية الموجودة. ومثال آخر هناك ماليزيا المزدهرة التي تتواجد فيها ناطحات السحاب وثروة النفط جنبا إلي جنب مع تدابير حظر الربا وضمان الامتثال لقوانين الشريعة الإسلامية، لكن مثل هذه التدابير موجودة لتحفظ الإرث الثقافي للملايين من المسلمين في تلك البوتقة التي تضم الهندوس والبوذيين والمسيحيين ومختلف العقائد، وتثني جريسوولد علي سيطرة المعتدلين في إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية، فثقافة الاعتدال موجودة بداخل كل مجتمع كما أن فكرة التعايش بين مختلف الأطياف الإنسانية هي ركيزة موجودة في كل الأديان ولا يسيطر عليها سوي صراعات سياسية واقتصادية تطغي علي روح الاعتدال والتعايش.