حققت واشنطن ما تريد وسوف يتم استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الثاني من سبتمبر المقبل ورغم أن الإدارة الأمريكية ومعها الرباعية الدولية حددت سقفاً زمنياً مقترحاً لهذه المفاوضات بنحو العام إلا أن كليهما منح إسرائيل حق إنهاء هذه المفاوضات في أي وقت فقد خلت التصريحات الأمريكية وبيان الرباعية من أي إشارة إلي ضرورة التزام إسرائيل بتجميد الاستيطان خلال هذه المفاوضات، بينما أعلن الفلسطينيون أن أي بناء استيطاني جديد سوف يحبط هذه المفاوضات، أي علينا أن نتوقع احتمال توقف هذه المفاوضات في أي وقت يعلن فيه الإسرائيليون عن عمليات بناء استيطاني جديدة تثير ضيقاً فلسطينيا وعربيا لا تستطيع السلطة الفلسطينية تجاهله ومن ثم لا تستطيع وقتها الاستمرار في هذه المفاوضات. وهكذا الاستيطان سيظل هو العقبة الأساسية التي تهدد استمرار المفاوضات المباشرة التي سوف تبدأ مع حلول الشهر المقبل وسوف تصطدم بها المفاوضات في بدايتها لأن موعد انتهاء فترة التجميد الجزئي للاستيطان الذي أعلن عنه نتانياهو سيحل ولم تمض سوي أيام قليلة فقط علي بدء المفاوضات المباشرة وكل التصريحات الرسمية الإسرائيلية لا تشير من قريب أو بعيد إلي أن حكومة نتانياهو سوف تمدد هذا التجميد الجزئي للاستيطان بل إن هناك مسئولين إسرائيليين تحدثوا أكثر من مرة عن ضرورة تنشيط الاستيطان لتعويض فترة التجميدة الجزئي رغم أن البناء الاستيطاني لم يتوقف خلالها خصوصاً في القدسالشرقية. ولا سبيل آخر لتجاوز هذه العقبة التي سوف تصطدم بها المفاوضات المباشرة في بدايتها سوي أن يتوقف نتانياهو وحكومته عن التصرف بطريقة استفزازية في موضوع البناء الاستيطاني أي أن يستمر التجميد الجزئي الذي سبق أن أعلنه للاستيطان حتي إن لم يعلن ذلك رسمياً، كما تفيد بعض التسريبات الصحفية التي تقول إن ثمة اتفاقا بين نتانياهو وواشنطن علي ذلك. ولكن سيظل رئيس الوزراء الإسرائيلي غير مضمون ويمكن أن يخرق اتفاقات حتي مع واشنطن في أي وقت وألاعيب نتانياهو لا تنفد وسبق أن شاهدنا إعلانات عن بناء استيطاني جديد في فترة التجميد الجزئي التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي وبرر ذلك نتانياهو بأنه فوجئ بها ولا يستطيع أن يمنعها. وعندما أعلنت السلطة الفلسطينية قبولها الذهاب إلي المفاوضات المباشرة، فإنها ربطت ذلك من جانبها بضرورة تجميد البناء الاستيطاني. وهكذا ليس فقط نجاح هذه الجولة الجديدة من المفاوضات المباشرة صعباً وإنما استمرار هذه المفاوضات في حد ذاته أمر صعب أيضا فضلاً عن أنه ليس مضموناً إلا إذا حدثت المعجزة وتغير نتانياهو وتوقف عن التلاعب والتزم بعدم اللجوء لما سبق أن اسمته واشنطن ومن بعدها الرباعية الدولية بالتصرفات الاستفزازية. أما إذا استمر نتانياهو في هذه التصرفات الاستفزازية فسيضع واشنطن نفسها في حرج، لقد سبق أن أعلن أكثر من مسئول أمريكي أن الإدارة الأمريكية لن تسكت عن هذا النوع من التصرفات من قبل أي طرف وسوف تعلن مسئوليته عن تخريب المفاوضات ولكن يبقي السؤال: هل ستكون الإدارة الأمريكية قادرة علي ذلك وهي التي تتفادي إغضاب الإسرائيليين الآن؟ إنه سؤال سوف تجيب عنه الأيام القليلة المقبلة خصوصاً أن موعد انتهاء التجميد الجزئي للاستيطان قد اقترب.