أكد د. يوسف القريوتي المدير الإقليمي لمنظمة العمل الدولية لشمال أفريقيا والقاهرة أن ظاهرة الاحتجاجات والاعتصامات الأخيرة في مصر تعكس مدي الحراك السياسي بالمجتمع مشيرا إلي أن الأزمة المالية العالمية نؤثر علي مصر بشكل كبير بدليل أنه لا توجد حالات تسريح جماعي للعمال ويرجع ذلك إلي حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة. وقال القريوتي في حواره مع «روزاليوسف»: إن وزارة القوي العاملة شكلت لجنة لدراسة تعديلات بعض مواد قانون العمل سيتم الانتهاء منها نهاية العام الجاري منتقدا نظام الكفيل بالدول العربية بأنه لا يتفق ومعايير العمل الدولية وفيما يلي نص الحوار: ما أهم المشروعات التي تنفذها منظمة العمل الدولية في مصر؟ - مشروع الحوار الاجتماعي ومشروع التوجيه المهني للشباب ويتم تنفيذه في ثلاث محافظات هي الأقصر والإسكندرية والمنيا من خلال مراكز التدريب المنتشرة بالمحافظات والتابعة لوزارات التجارة والصناعة والتضامن الاجتماعي والقوي العاملة والهجرة والإسكان، وتتم مساعدة الشباب للتعرف علي المهن المطلوبة في سوق العمل وذلك لطلاب المعاهد والمدارس والسماح لهم بالاختيار في المجال الوظيفي والمهني، بالإضافة إلي مجموعة من البرامج مع وزارة التربية والتعليم ومدة المشروع عامان ونصف العام ويتكلف مليون دولار، بالإضافة لمشروع البرنامج الغذائي العالمي في مجال مكافحة عمل الأطفال ومشروع الأممالمتحدة الانمائي في مجال التنمية والحفاظ علي مهارات العمال في منطقة دهشور من أجل تحقيق استقلالية للفئات الفقيرة. هل معني ذلك أن هناك قصوراً في التعليم الفني؟ - نعم والدليل أن هناك وظائف يتم الإعلان عنها ولا تجد من يشغلها لأنها تتطلب مهارات معينة ومعني ذلك أن هناك فجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل وهذا يتطلب النظر في مجال التعليم الفني وادخال مناهج جديدة في وزارة التربية والتعليم وتغيير المفهوم السائد حول المهن والحرف لأن هناك نظرة سيئة لها علي عكس المجتمعات الغربية فهناك اهتمام بالتعليم الفني. ولماذا تختلف احصاءات البطالة بين جميع المراكز البحثية والجهات الرسمية في مصر؟ - نسبة البطالة في مصر حوالي 9% والاختلاف يرجع إلي الدراسات الميدانية لكل جهة وهذا رقم غير كبير بالمقارنة بدول عربية أخري كما أن معدل النمو 7% الذي تحقق في العام قبل الماضي ساعد علي الحد من البطالة وساهم في خلق فرص عمل جديدة بالداخل والخارج. في رأيك ما السبب في تزايد معدل البطالة؟ - يعود إلي الكثافة السكانية المرتفعة في مصر مقارنة بدول أخري حتي الصين لأن لها نظاماً اقتصادياً مختلفاً ومعدل نمو مرتفعاً ولكي تحافظ مصر علي معدل البطالة 9% لابد من خلق 700 ألف فرصة عمل سنويا وفي حالة الزيادة المستمرة في السكان تحتاج إلي مليون فرصة عمل سنويا. كيف تري تأثير الأزمة المالية العالمية علي مصر؟ - بالتأكيد أن حدة الأزمة علي مصر أقل من دول كثيرة فلم نشاهد في مصر تسريحاً جماعياً للعمال وساعد علي ذلك معدل النمو، بالإضافة إلي مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة والبرنامج التحفيزي الذي تم علي 3 مراحل وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية الذي خلق فرص عمل كثيرة بالإضافة إلي صندوق دعم المنشآت المتعثرة الذي أنشأته وزارة القوي العاملة والهجرة في مقابل عدم تسريح العمالة خاصة في القطاعات الكثيفة مثل الغزل والنسيج، ولم يحدث ترحيل لمصريين من الخارج إلا حالات قليلة. إلي أين وصل الحوار الاجتماعي في مصر؟ - يسير بخطوات ثابتة وإن كان يتعثر في أوقات مختلفة لتباطؤ رجال الأعمال في توقيع الاتفاقية بين العمال والحكومة ولكن الوضع الآن تحسن وانضم للحوار اتحاد الصناعات والغرف التجارية ومنظمات أصحاب الأعمال ولكن الحوار الاجتماعي وحده لن يحل كل المشاكل بين العمال وأصحاب الأعمال وعلاقات العمل والعملية الإنتاجية وإن كان يساهم في حل بعض المشاكل في مواقع الإنتاج بعيدا عن الاضراب والاعتصام. لماذا انتشرت الاعتصامات والاحتجاجات في مصر في الآونة الأخيرة؟ - حالة الحراك السياسي في المجتمع المصري أدت إلي ظهور الاحتجاجات للحصول علي الحقوق ومعروف أن علاقات العمل تشهد شداً وجذباً بين أطراف العملية الإنتاجية، كما أن الأزمة المالية ألقت بظلالها علي بعض المنشآت، بالإضافة إلي القصور في بعض عمليات الخصخصة في الشركات، حيث كانت هناك ثغرات فيما يتعلق بحقوق العمال مثل شركة طنطا للكتان أو أن رجال الأعمال لم يلتزموا بشروط العقود، كما أن هناك شعوراً لدي العمال بأن اتحاد العمال لا يعبر عن مصالحهم ولذلك كان البديل هو الاعتصام. هل تري أن الخلاف بين اتحاد العمال والحكومة يؤثر علي مصالح العمالة؟ - الخلاف بينهما مشروع وإيجابي فكل طرف يدافع عن مصلحته سواء الحكومة أو العمال حتي إن أصحاب الأعمال لهم رؤياتهم التي يدافعون عنها ومن هنا تأتي أهمية الحوار الاجتماعي ولكن القطعية بين الأطراف الثلاثة تؤثر بالسلب علي مصالح العمال. هل تلتزم المنظمة الحيادية في تطبيق معايير العمل علي الدول؟ - دور المنظمة هو المراقبة ومصر مثل بقية الدول، هناك قصور في بعض مواد قانون العمل، ولكنها بدأت بالفعل في اتخاذ مجموعة من الإجراءات لتكون في وضع أفضل، كذلك بعض الدول الصناعية الكبري. ما هي ملاحظات المنظمة علي مصر بشأن معايير العمل؟ - هناك مجموعة من المواد في قانون العمل مثل المادة 87 التي تتعلق بالتعددية النقابية وتنص علي حق العمال في تنظيم أنفسهم في النقابات وبالطريقة التي تراها مناسبة ولكن وجهة نظرة الحكومة واتحاد العمال أن ذلك يفتت الحركة العمالية هذه، بالإضافة إلي أمور تتعلق بالمفاوضة الجماعية. وبصفتك مديراً لمكتب المنظمة بالقاهرة كيف تري هذه الملاحظات؟ - وجهة نظري هي ما تتبناه المنظمة هي الحرية النقابية والاستقلالية فالنقابة داخل المنشأة أو المصنع مرتبطة بالنقابة العامة المرتبطة باتحاد العمالة ماليا وإداريا مما يعرقل الحرية النقابية، كما أن عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة والهجرة أصدرت قراراً لتشكيل لجنة لدراسة تعديل بعض المواد في قانون العمل وسيتم الانتهاء منها نهاية العام الجاري، ما حقيقة أن مصر ضمن القائمة السوداء في تطبيق معايير العمل الدولية؟ - لا توجد ما يسمي بقائمة سوداء ولا تصنيف للدول بأنها الأكثر سوءا أو الأفضل ولكن هناك ملاحظات علي جميع الدول ومنها مصر. لماذا لا توقع الدول الكبري علي الاتفاقيات والمواثيق المتعلقة لمعايير العمل؟ - المنظمة ليست لها سلطة علي أي دولة ولا تجبرها علي التوقيع ولكن عندما تصدق دولة علي اتفاقية لابد أن تلتزم بها لكن هناك دولاً توقع علي اتفاقيات خاصة فيما يتعلق لعمالة الأطفال ويتم رفع تقرير سنوي في مؤتمر العمل الدولي عن كل الدول المصدقة علي الاتفاقيات الخاصة بالعمل ويتم ابداء الملاحظات فمثلا كان هناك شكوي من بعض العمال في مصر للاتحاد الدولي للعمال وتمت مناقشتها مع الحكومة لبيان حقيقة ذلك والرد عليها. هل تملك المنظمة فرض عقوبات علي الدول المخالفة لمعايير العمل؟ - المنظمة لا تملك فرض عقوبات علي الدول فنحن ليس مجلس الأمن ولكن نرصد الملاحظات ونقدم الدعم الفني والمالي للدول حتي تصبح أكثر التزاما ويمكن اتخاذ موقف أخلاقي قد يترجم إلي مقاطعة اقتصادية. هل هناك لجان من المنظمة ستزور مصر لمراجعة القضايا العمالية والتشريعات الخاصة بها؟ - اللجان لا تأتي إلي مصر إلا بطلب خاص من الحكومة وهو ما حدث في أبريل العام الماضي لاطلاعها علي جميع القضايا العمالية والتشريعات الخاصة بها، والحقيقة أن التعديلات في قانون العمل النقابي ليست كثيرة فيما عدا ما يتعلق باستقلال النقابات. ما حقيقة القول إن هناك ضغوطاً تمارس علي المنظمة لإصدار قرارات ضد مصر؟ - ليس صحيح أن هناك مؤامرة سياسية ضد مصر فعلاقتها بالمنظمة خاصة الحكومة جيدة وكذلك علاقتاها بباقي الدول. هل تدعمون الكيانات المستقلة؟ - أود القول إن هناك انشقاقاً في الحركة العمالية بمصر بدليل تأسيس نقابة مستقلة للضرائب العقارية وأخري لاتحاد أصحاب المعاشات ولكن رغم ذلك فالممثل الأول للعمال في مصر هو اتحاد العمال ويتم التشاور مع النقابات المستقلة التي تري أن وجودها يرجع إلي عجز الاتحاد عن القيام بدوره والاتحاد يري أن هدفها تفتيت القوي العاملة وبالتالي ضياع حقوق العمال ولكن يجب أن يكون هناك تعاون ما بين الاثنين وأن يكون دافعاً لأن يراجع اتحاد العمال نفسه حول جوانب القصور داخله. كيف تري نظام الكفيل المطبق في بعض الدول العربية؟ - نظام الكفيل يتعارض مع معايير العمل الدولية واستخدامه يقود إلي الاتجار بالبشر بالبيع والشراء بسبب سوء استخدامه، كما أن هناك دولاً بدأت في ايجاد نظم بديلة للكفيل كالبحرين وإذا ثبت نجاحه سيتم تطبيقة في باقي الدول وهناك ضغوط ومفاوضات مع بعض الدول كالسعودية والإمارات لتغيير نظام الكفيل ويتم تقديم المساعدات الفنية لها. فيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية ما رأيك في أسلوب الحكومة لمواجهتها؟ - مصر تسير بشكل جيد في مكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال توفير الطرق الشرعية بالتوقيع علي اتفاقيات مع الدول الأوروبية وتوفير فرص العمل بالداخل. هل تري أن اعتصام العمال المفصولين مؤخرا أمام المنظمة احراج للحكومة واتحاد العمال؟ - نعم لأنه تم استنفاد الطرق الودية سواء مع الاتحاد أو القوي العاملة والبديل هو المنظمة لأنها جهة محايدة وإن كانت أغلب الشكاوي للنقل التعسفي أو الفصل وبعض الشكاوي الفردية وتم إعداد تقرير بها وإرسالها إلي وزارة القوي العاملة والهجرة ولكن المنظمة تحاول التدخل لدي الجهات المعنية لايجاد حلول لهم رغم أننا ليست جهة الاختصاص لتلقي الشكاوي الفردية من العمال. ماذا بالنسبة للحملة القومية لتشغيل الشباب؟ - سيتم اطلاق حملة إعلامية بعدد من المحافظات بعد عيد الفطر وتهدف الخطة إلي زيادة الفرص المتاحة لتشغيل الشباب، بحيث يصل خلال فترة الحملة (2010-2015) إلي 3 ملايين فرص عمل بمتوسط 620 ألف وظيفة سنويا وتقوم الخطة علي ثلاثة محاور رئيسية هو البرنامج مع الرئاسي الذي اعتمدته الحكومة 2005-2011 والعقد الاجتماعي الجديد للمشاركة الاجتماعية والأهداف الانمائية للألفية الجديدة ويتم ذلك من خلال تطوير نظام التعليم الفني والتدريب المهني وتحسين المهارات الأساسية والمعرفة لدي خريجي المدارس الثانوية الفنية والجامعات وتطوير مكاتب العمل وخدماتها وتشجيع تأسيس وكالات توظيف خاصة وتطوير وحدة معلومات سوق العمل والتشغيل بوزارة القوي العاملة والهجرة.