الفنان والهندسة

الفنان والهندسة سباعية تليفزيونية قدمها التليفزيون المصري عام 1968 وربما في نهاية 1967 من تأليف علي سالم وإخراج محمد فاضل وبطولة عادل إمام وكتب لها أغنية التيتر سيد حجاب. لكن يبدو أن مرور هذه السنوات الطويلة علي إذاعة هذا المسلسل الذي كان أول بطولة مطلقة لعادل إمام، جعل صديقي القديم وبلدياتي سيد حجاب ينسي هذه الحقيقة ، ويتصور أنه كان مؤلف هذا المسلسل. هذا ما صرح به للسيدة أمل سرور عندما كان يقص عليها قصة حياته في الأسبوع الماضي في جريدة المصري اليوم. الواقع أنني شعرت بحيرة شديدة عندما قرأت كلماته، هل هو النسيان، أم أنه لفرط حبه لي، توحد بشخصي وتصور أثناء اللقاء الصحفي أنه أنا.؟ أم أن السيدة التي أجرت الحوار لأسباب خاصة بها حذفت اسمي؟ الواقع أنه كان واضحا في كلامه وخاصة عندما قال" وبعد ذلك اتجهت لكتابة تيترات المسلسلات" بعد ذلك هنا تعني بعد أن قام بتأليف هذا المسلسل. الواقع أنه في بقية حواره بعد ذلك حرص علي اختيار صيغة من الممكن أن يفهم منها القارئ أنه قام بتأليف الأعمال التي يتكلم عنها ومن الممكن أيضا أن يفهم أنه كتب لها الأشعار، علي أي الأحوال، هناك ثلاثة علي الأقل أطال الله في أعمارهم يستطيعون أن يؤكدوا أن سباعية الفنان والهندسة من تأليف علي سالم، وهم عادل إمام ومحمد فاضل وكاتب هذه السطور.
الواقع أن ظروف كتابة هذا المسلسل لم تغادر ذاكرتي بعد، فقبلها بثلاثة أعوام أي في عام 1965 كان المسرح الكوميدي قد قدم لي مسرحية " ولا العفاريت الزرق" من إخراج جلال الشرقاوي وبطولة محمد عوض ونجوي فؤاد وسمير صبري ومحمد رضا، بعد ذلك، قدم عدد كبير من فرق الأقاليم مسرحيتي " الناس اللي في السما الثامنة" وفي عام 1966 قدمت مسرحية "الراجل اللي ضحك علي الملايكة" علي مسرح الحكيم من إخرج نجيب سرور، ثم قدمت فرقة ثلاثي أضواء المسرح في أول عمل مسرحي لها علي مسرح ميامي "حدث في عزبة الورد".
وحدث في تلك الفترة أن قدم التليفزيون مسلسلا فكاهيا اعتبره نقاد تلك الأيام هابطا وهاجموا التليفزيون بعنف، فأوقف (حماد بك) إذاعة المسلسل، واستدعاني أنا ومحمد فاضل.
وطلب منا تقديم سباعية بأسرع ما يمكن.. ثم نظر إلي متسائلا: الحلقة الأولي آخدها بكره؟ فقلت محتجا: ما عرفش يا فندم.. أنا عاوز وقت.. فقال بهدوء وتصميم: خلاص.. يبقي بعد بكره.. اتفضلوا مع السلامة.
عدت إلي البيت وقد ركبتني عفاريت الدنيا، ماذا أكتب.. وكيف..؟
وأخيرا اهتديت إلي أنني أنا نفسي هو بطلي، بطلي الذي يثق بأنه فنان غير أنه لا يعرف وليس متأكدا من طبيعة ما يجيده، ربما أكون قد تذكرت جملة قالها لي رمزي كامل أستاذ اللغة الانجليزية في دمياط الثانوية : أنا واثق يا علي إنك فنان.. بس في إيه بالضبط، مش عارف. فتناولت القلم وبدأت علي الفور في كتابة الحلقة الأولي، كل الشخصيات والأسماء مستوحاة بالفعل من شخصيات أعرفها وأماكن عشت فيها، كان العمل يخرج ساخنا من يدي فيدخل به فاضل البلاتوه مباشرة، أما عادل إمام فكان في غاية القلق، صاح ذات مشهد: يا علي.. يا أستاذ فاضل.. هل اللي باعمله ده كوميدي.. يعني يضحك؟.. الكلام جد جدا.. فقلت: نعم يا عزيزي عادل.. هو كوميدي لأنه جاد جدا.
بعد إذاعة المسلسل قابل حماد بك محمد فاضل وقال له: شكرا.. انتم رفعتم راسنا.