في مقالة سابقة نوهت إلي فوكوياما وايديولوجيته المعنونة «نهاية التاريخ» التي تنسب لكتابه الشهير دون وجه حق. هل نقول كذب الأيديولوجيون ولو صدقوا!.. وهل العلم أصدق أنباء مما كتبوا؟ أعتقد أن ذلك قد لا يكون بعيدا عن الحقيقة كثيرا وأن العلم هو ودون أدني شك الحل، أريد هنا أن أبدأ من النهاية وأضع الاستنتاج قبل التحليل. بعد تخبط لمئات السنين بين الأيديولوجيات المختلفة أصبح هناك عند عدد غير ضئيل من الناس وأنا منهم شبه قناعة أن العلوم الأساسية والعلوم الهندسية هي الحل الحقيقي لمشكلات الإنسان. أطلقت منذ ما يزيد علي عقد ونصف العقد شعار العلم هو الحل واقترحت حزباً للعلم كتبت عنه فيما سبق. هذا الشعار لم يعد مجرد شعار بل حقيقة وظهر في الفترة الأخيرة في شكل مبادرات داخل مصر أحدثها حلم العلم الذي تبناه الصديق محسن بدوي والشاعر المصري جمال بخيت، كذلك ظهرت مؤخرا جمعية عصر العلم التي يشترك فيها الدكتور أحمد زويل. «العلم هو الحل» حقيقة جوهرية ترقي إلي مستوي المطلق ويمكن أن ينظر إليها كتطور واستكمال الكوجيتو الديكارتي «أنا أفكر إذن أنا موجود». العلم هو الحل ليست جملة مقتضبة بل موقع شامل يحتوي علي خبرات لا حصر لها وتاريخ فلاسفة وعلماء ومهندسين من الشرق والغرب عبر العصور. عندما نتفق كلنا أن العلم هو الحل فلابد أن نعترف كلنا أننا نستخدم الكلمات دون أي درجة عالية من الدقة ونتصنع أننا نفهم تماما معاني كلمات كثيرة نستخدمها وننسب لها وزناً وواقعية كما لو كان عندنا تعريف علمي واضح لها. نحن نتكلم عن الحرية كما لو كنا نعرف تماما ماذا تعني هذه الكلمة بدقة علم الرياضيات البحتة ناهيك عن كلمات مثل الديمقراطية والعدالة علي الرغم أن الألماني غوته نفسه اعترف في مسرحيته فاوست أنه لا يعرف معني لهذه العدالة التي لا تنظر للظروف التي يولد فيها الإنسان دون أن يستشار. من عملي كمهندس وأستاذ جامعي أعلم أن أسهل شيء يوضح نظرية هو مثال وسوف أختار مثالين بديهيين لشرح ما أعني.. وهو ما سأوضحه غدا.