دقت طبول الحرب الإعلامية بين الإخوان والدراما وشهدت الساعات الأولي التي سبقت حلول شهر رمضان حالة من التوتر خاصة بعد أن تم تسريب بعض المشاهد من المسلسل علي الإنترنت ووضع الحلقات الأولي علي اليوتيوب مما جعل الجماعة المحظورة تعلن حالة الاستنفار لأن هذه المشاهد تحمل بعض العبارات المستفزة التي يعتبرها الإخوان بمثابة الصدمة بالنسبة لهم أمام الرأي العام وزاد من حدة الموقف أن هناك عدة مشاهد أخري تحمل الإخوان المسئولية تجاه الخلل الاجتماعي الذي أصاب المجتمع. وما بين هذه الأمور وردود الفعل تجاهها سارع سيف الإسلام حسن البنا بإرسال إنذار علي يد محضر إلي المؤلف وحيد حامد والمخرج محمد ياسين مؤكداً عليهما ضرورة إطلاعه علي السيناريو أو مشاهدة العمل قبل عرضه وإلا سيلجأ إلي القضاء لأنه يضع يده علي بعض التجاوزات التي تمس شخصية والده الإمام حسن البنا ومن حقه المطالبة بوقف عرض العمل مشيراً إلي أنه ليس ضد حرية الفكر والتعبير لكنه يفضل الاحتكام إلي القضاء وهو المعيار الذي لا يرفضه وحيد حامد لأنه يري أن من حقه أن يناقش فكر الجماعة من وجهة نظره كما أن مرور أكثر من 50 عاماً علي وفاة الشيخ حسن البنا يسقط حق الورثة في المطالبة بالتدخل في خصوصيات وتفاصيل العمل الفني لأن الشيخ كان من الشخصيات العامة والمسلسل ليس سيرة ذاتية له بقدر ما هو قراءة جديدة ومتأنية لتطور مفهوم الإسلام السياسي الذي تتبناه الجماعة كما جاء في تتر المسلسل الذي تم عرضه علي قناة «القاهرة والناس» قبل حلول شهر رمضان. وحيد حامد استعان بمجموعة من المراجع أهمها مذكرات الداعي والداعية للإمام حسن البنا نفسه بما يعني عدم حاجته لأخذ رد أو تصويب أحد الورثة ما دام الأصل يجب ما عداه ويعرض تتر المسلسل غلاف المذكرات ليؤكد أن المعلومات الواردة خلال الأحداث هي من صميم الكتب السياسية التي يعتمد عليها الإخوان والتي ليس لإنكارها من مجال. العنصرية تسيطر علي انفعالات الجماعة يقود الإخوان حملة هجوم شرسة ضد وحيد حامد علي الإنترنت عن طريق إنشاء جروب علي «الفيس بوك» بعنوان ضد مسلسل الجماعة ويعبر الجروب عن نزعة عنصرية في التعامل مع الأمور فهو لا يفسح المجال لإبداء الرأي الآخر ولا يترك حيزاً للنقاش والحوار بل يطلق الاتهامات بلا تدقيق أو نظام حيث يرفع الجروب شعار «حملة ضد تزوير التاريخ من قبل مؤلف الأفلام الساقطة» ولا يتورع أعضاء الجروب عن الإساءة إلي وحيد حامد علي الرغم من أنه لا يتحدث عن الجماعة إلا بكل تقدير واحترام وقد وصلت الأمور إلي درجة أن الجروب قد أعلن عن تجنيد فرق عمل لمتابعة المسلسل واصطياد الأخطاء التاريخية «أولا بأول» ونشرها علي الشبكة العنكبوتية مع تصويب الأخطاء لأن وحيد حامد الذي كتب أفلاماً مثل «النوم في العسل» و«سوق المتعة» لا يمكن من وجهة نظرهم أن يكون جديراً بالكتابة عن حياة الإمام وعندما تمر العيون لتتصفح باقي التعليقات تجد أن معظمها يعتقد أن المسلسل قد أنتج للنيل من الإخوان والإساءة لهم بينما لا يدرك إلا القليل منهم أن العمل الدرامي ليس قصيدة هجاء وإنما تفكير في تركيبة البنية السياسية والاجتماعية للإخوان بطريقة جدلية ترتكز إلي وقائع وأحداث الحياة اليومية والمحطات التاريخية في عمر الزمان وما بين نواب الإخوان داخل مجلس الشعب الذين يطالبون بوقف العمل وعدم عرضه وبين سيف الإسلام حسن البنا الذي يدافع عن تراث والده يجد وحيد حامد نفسه محاصراً بين المطرقة والسندان لأن كل هؤلاء لم يتمهلوا لرؤية العمل كاملاً ومناقشة ما لديهم من ملاحظات بل أصدروا أحكاماً مسبقة لا تعير المقاييس الفنية والدرامية أي اهتمام بل تستغل الهجوم علي المسلسل كورقة دعاية في الانتخابات البرلمانية المقبلة دون البحث عن إطار منطقي لسياق الرفض والاعتراض. قائمة سوداء لنجوم العمل علي أجندة الإخوان الجدل حول المسلسل داخل صفوف الإخوان جعل الجماعة تتنبه بشكل لافت إلي أوقات عرضه وضرورة منع الأطفال تحت 16 سنة من متابعة ما به من أحداث لأن الدراما تفرض علي ذهن المشاهد صورة لا تتغير ويمكن أن يكون لها تأثير سلبي علي الأجيال القادمة التي يوثر التليفزيون في بناء عقليتهم وبالتالي تصل إليهم الرسائل الحكومية بأن الجماعة محظورة النشاط مما يسهم في نفورهم من فكر الجماعة لذلك لابد من شغل وقت الأطفال بعيداً عن هذه المشاهدات خصوصاً أن المسلسل ستتم إعادته ليلا ونهار أما علي المستوي الأكبر سناً فلابد من تصحيح المفاهيم أولاً بأول والقيام بعمل فكري مضاد يشوه مضمون المسلسل ويشكك في نواياه ويبدو أن الإخوان قرروا ضم العاملين به من ممثلين إلي «القائمة السوداء» من وجهة نظر الإخوان وعلي الجروب المعادي للمسلسل يتم التنوية علي أعضاء هذه القائمة التي تتضمن كريم عبدالعزيز وأحمد حلمي ومني زكي لأن هؤلاء تطوعوا بالانضمام كضيوف شرف للمسلسل مما يضعهم في صدارة الصدام مع الإخوان بالإضافة لأبطال العمل، وهذا يعطي الأمور أكبر من حجمها الطبيعي وكأن المسلسل هو اعصار تسونامي الذي جاء ليطيح بفكر الإخوان فلا يمكن أن يحاسب الفنان علي أداء دور معين لأنه يؤدي كل الأدوار لكن الإخوان لهم وجهة نظر أخري وهي التخوف من أن يجسد هؤلاء الممثلون أدوار المشايخ ثم يجسدون نقيضها في أعمال فنية أخري من أفلام ومسلسلات وهذا يسيء بشكل غير مباشر لهيبة ما يقدمونه من شخصيات ولكن الإخوان لا يدركون أن شخصيات أفراد الجماعة ليست شخصيات مقدسة فهم ليسوا رسلاً ولا أنبياء.