فيلم القاهرة 30 الذي قدمته الشاشة الفضية أوائل ستينيات القرن الماضي، يعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية التي تدعو إلي الفخر لإنتاج وتقديم تلك القصة شديدة الواقعية، اذ كان محور القصة الاساسي هو الهروب من واقع الفقر المدقع الذي يعيش فيه أبطاله الأساسيون نحو الوصول الي محاولة العيش برفاهية و نعيم بمتاع الحياة كل بطريقته الخاصة. احسان بطلة الفيلم ببيعها شبابها للسياسي الثري، أبواها بالمتاجرة فيها. و محجوب عبد الدايم البطل المحوري للفيلم ببيعه اسمه وسمعته و مستقبله من خلال زواجه من إحسان ليضمن الوظيفة المرموقة ذات الدخل الشهري الثابت التي ظل يحلم بها طوال فترة دراسته الجامعية وعقب تخرجه و فشل في العثور عليها حتي واتته الفرصة من خلال زواجه الصوري بإحسان شريكة الفقر .. و شخصية محجوب عبد الدايم نموذجاً للشخصية المتسلقة المتطلعة الي تحقيق آمالها حتي لو كانت علي حساب الآخرين أو علي انقاض المبادئ أو القيم أو الأخلاق .. فالمهم هو تحقيق هدف الانضمام الي ركب علية المجتمع الذي يعيش وسط أفراده ناقما متذمرا علي معيشته، و في كل عصر عاش محجوب عبد الدايم حياً بين افراد الشعب متحوراً مع الظروف المحيطة به، و مع تطور المجتمع المصري و تغير ثقافاته تطورت طموحات محجوب عبد الدايم ليصبح التمتع بنفوذ السلطة هو الهدف الأول الذي يسعي إليه والذي من خلاله يمكنه تحقيق ما يسعي اليه من ثروات مادية او عينية. محجوب عبد الدايم لم يجد طريقاً لتحقيق هدفه الاساسي في الحصول علي نفوذ السلطة و هيبتها الا من خلال الانتخابات .. اي انتخابات، انتخابات مجلس محلي القرية، انتخابات مجلس المدينة، انتخابات مجلس إدارة النادي الرياضي .. و يا سلام لو تمكن من الدخول في واحدة من انتخابات أحد المجلسين النيابيين واستطاع النجاح ليصبح نائباً منتخباً في احدي الدوائر الانتخابية و يكون ممثلاً رسمياً للشعب .. محجوب عبد الدايم لا يتورع عن المتاجرة بأي شيء مهما كانت قيمته لهذا فنحن لن ننتخبه ممثلاً لأبناء الدائرة الانتخابية، محجوب عبد الدايم لا يهتم أن يكون له فكر حزب يمثله و لا رؤية لحل المشاكل يدافع عنها لتحقيق مصالح ناخبيه لهذا فنحن لن ننتخبه، محجوب عبد الدايم يسير مع تيار أي حزب يلمح انه سوف يحقق له النجاح في صيد كرسي العضوية و لا يهمه مبادئ او افكار او برنامج ذلك الحزب لهذا فنحن لن ننتخبه. محجوب عبد الدايم سوف تراه يظهر كل يوم بين أبناء دائرته الانتخابية طوال أشهر ما قبل الانتخابات يصلح بين المختلفين و يفض الخناقات و يصالح المتخاصمين و يحضر حفلات الافراح يشارك العروسين فرحتهم و يحضر طهور مواليد ابناء الحي و يتواجد في كل مآتم التعازي يواسي أهل الميت و يترحم عليه، و ما ان ينجح الا و يختفي لسنوات و لا يتذكر عنوان الدائرة الا قرب حلول موعد الانتخابات المقبلة لهذا فنحن لن ننتخبه، محجوب عبد الدايم سيظهر بصحبة شيخ المسجد مرة و قسيس الكنيسة مرة اخري ليضمن الحصول علي اصوات ابناء طوائف دائرته الانتخابية علي اختلافهم حتي لو لم يكن يهتم بالمعني النبيل للوحدة الوطنية بين عنصري الأمة لهذا فنحن لن ننتخبه، محجوب عبد الدايم ستراه متبرعاً سخياً كريماً لكل مشاريع الخير في دائرته الانتخابية و لو بحثت الأمر جيدا سوف تكتشف أن كل التبرعات ليست من جيبه انما من جيوب أثرياء مناطق غنية بعيدة كل البعد عن دائرته نجح في الحصول عليها تحت دعوي زكاة المال من الاغنياء علي الفقراء لهذا فنحن لن ننتخبه. محجوب عبد الدايم ستراه بصحبة شباب احياء الدائرة يتوسط لايجاد فرصة العمل للمتعطلين منهم مقابل استخدام طاقة كل منهم في توزيع مواد الدعاية الانتخابية له و تعليق اللافتات بين بيوت الدائرة و لصق الملصقات علي الحوائط و عقب انتهاء الانتخابات "ابقي قابلني" لو نجح في توظيف واحد من اولئك الشباب الذين تمنوا الخير علي يديه و ضيعوا وقتهم في عمل الزفات الانتخابية له لهذا فنحن لن ننتخبه، محجوب عبد الدايم في سبيل تحقيق هدفه لا يتورع عن تغيير انتمائه الحزبي متجهاً نحو حزب آخر لو أحس أن مصلحته مع الحزب الجديد و لا يهمه برنامج الحزب الذي ترشح علي قائمته .. المهم برنامجه الشخصي لهذا فنحن لن نتخبه.. وإن كان الفقر و القهر قد اجبرا بطل الفيلم علي بيع اي شيء في سبيل الوصول وتحقيق هدفه فإن محجوب عبد الدايم مرشح الانتخابات لم تدفعه الظروف القهرية الي سلوكه المشين لكنه الطمع و الجشع وحب الذات اجتمعوا ليكونوا هم الدافع الرئيسي له لهذا فنحن لن ننتخبه .. محجوب عبد الدايم هو نموذج المرشح الذي لا تهمه الا تحقيق مصلحته الشخصية علي حساب مصالح ابناء الدائرة الانتخابية، لهذا فنحن لن ننتخبه ليصبح عضواً في مجلس الشعب يمثلنا فهو لا يستحق ذلك الشرف .. رئيس تحرير مجلة أبطال اليوم الصادرة عن مؤسسة أخبار اليوم