نجح باحثون ألمان في معرفة قرارات الإنسان بشكل مسبق من خلال مراقبة نشاط المخ، إذ وجدوا أن النموذج العصبي الذي ينبئ بتصرف محدد للإنسان يظهر قبل عشر ثوان تقريبا من صدور هذا التصرف. أما السؤال الذي حير علماء الأعصاب منذ قرون. ماذا يحدث للمخ عندما يكون في حالة تفكير؟ لكن العلماء نجحوا مؤخراً في مراقبة نشاط المخ أثناء العمل من خلال استخدام آخر التقنيات، وقد استطاعوا عبر أبحاثهم المكثفة معرفة أنشطة الخلايا العصبية، بل وقراءة بعض أفكار الإنسان دون اللجوء للسحر. لذا يقول البروفيسور جون دايلان هاينيس من مركز "بيرنشتاين لأبحاث المخ والأعصاب" خلال مؤتمر عُقد بهذا الخصوص في شتوتجارت جنوبألمانيا: "عثورنا علي نماذج خاصة لانطباع الأفكار في المخ يجعلنا نعرف ما يفكر فيه الشخص المعني". وقد طرحت نتائج البحث، الكثير من الأسئلة سواء علي المستوي الأخلاقي أو الجنائي أو الديني. حيث اكتشف البروفيسور هاينيس خلال إحدي التجارب مركز اتخاذ القرارات في المخ وكيفية اتخاذها. ويقول هاينيس: "كان علي المتطوعين المشاركين في التجربة أن يقرروا ما إذا كانوا سيقومون بعملية الطرح الحسابي أو عملية الجمع دون إبداء ذلك للقائمين علي التجربة واستطعنا استقراء قرارهم بنسبة نجاح لا تقل عن 70 بالمائة". وأشار إلي أن العلماء قاموا خلال التجربة بمد أجهزة الكمبيوتر ب"بصمة الأفكار" أي بحركة الخلايا العصبية وتفاعلاتها ونشاطها بشكل عام عندما يقوم الجسم بعملية الطرح أو بعملية الجمع ثم مقارنة هذه "البصمة" أو الانطباع أو الصورة بصورة مخ المتطوعين أثناء قيامهم بإحدي هاتين العمليتين. كما وجد الباحثون أن الكمبيوتر أظهر النموذج العصبي الذي ينبئ بتصرف محدد للإنسان قبل عشر ثوان تقريبا من صدور هذا القرار مما دفع البروفيسور هاينيس لإعادة طرح السؤال القديم مجددا: هل الإنسان حر؟ أم أن تصرفاته محددة من خلال أنشطة عصبية في المخ؟ ألا يستطيع الإنسان مخالفة طبيعته؟ يعمل البروفيسور ماركوفيتش أيضا في إعداد التقارير الصحية لبعض الجهات القضائية كما أنه أثبت ما سماه "بصمة الكذب" حيث وجد أثناء إحدي التجارب مع الطلاب أن الخلايا العصبية نشطت بشدة في منطقة الجبهة عندما بدأوا يقصون حكايات حقيقية بناء علي طلب القائمين علي التجربة، ثم نشطت الخلايا العصبية بغزارة في مؤخرة الرأس عندما بدأوا يقصون حكايات مختلقة.