ترجمة: أمنية الصناديلى تحولت حفلات المتعة وشرب الخمور المنتشرة في أوروبا وأمريكا إلي كابوس يواجه السلطات الأمنية وذلك لأن الصخب الذي تشهده تلك الحفلات يؤدي إلي فوضي وصدامات مع الشرطة يصعب السيطرة عليها، وهو الأمر الذي اثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والتشريعية حول آلية مواجهة خطر تلك الحفلات: تنتشر الخمور في أوروبا والولاياتالمتحدة منذ عقد الستينيات وتعرف بالحفلات المنزلية الشبابية، التي تبدأ ليلاً وتستمر حتي الساعات الأولي من الصباح ويمتد صخبها إلي الشوارع مما يؤدي لحالة من الفوضي ..ويختلف شكلها وفقا لثقافة كل بلد ومجتمع علي حدة. يظهر صخب تلك الحفلات وآثارها السلبية عشية العطلات الرسمية خاصة مساء يوم السبت من كل أسبوع إذ يتبادل روادها المشادات والمشاحنات مع السلطات المحلية وصاحب ذلك مطالب من الجهات التشريعية ووسائل الإعلام بشكل شبه مستمر من أجل فرض قيود لمنعها والحد من حالة الفوضي والحوادث في الشوارع العامة مع ضغوط دائمة من التيارات المحافظة للحد من تلك الحفلات. وفي هذا الإطار طالب أكثر من 200 نائب بمجلس عموم الحكومة البريطانية بمنع محال السوبر ماركت من خفض أسعار المشروبات الكحولية في محاولة للتصدي إلي ظاهرة حفلات الشرب في الشوارع بعد أن حذر مسئول رفيع بالشرطة من تزايد خطورة تلك الحفلات التي أودت مؤخرا بحياة أحد المواطنين قتلا علي يد أربعة مراهقين فقدوا السيطرة علي أنفسهم إثر تعرضهم لحالة سكر شديد. واقترح مسئول الشرطة رفع السن القانونية لشرب المواد الكحولية إلي 21 سنة ومنع من هم أصغر سنا من الشرب في الأماكن العامة أو المفتوحة بالإضافة إلي رفع أسعار الخمور والبيرة والنبيذ وكل المشروبات الروحية وكذلك إيجاد تعديلات قانونية مناسبة تسمح بسحب التراخيص من المتاجر التي تبيع الخمور لمن لم يتجاوزوا السن القانونية وكذلك المتاجر التي تخفض أسعار الخمور لتشجيع الشرب. اظهرت إحصائية أجرتها مؤسسة «جراند تورتون» البريطانية لمراجعة الضرائب وتكنولوجيا المعلومات أن خفض الضرائب علي الخمور رفع من معدل استهلاكها بشكل هائل في العقد الأخير إذا ارتفعت أسعار مبيعات الخمور من 1.5 مليار جنيه استرليني عامي 1997 و 1998 إلي 2.3 مليار إسترليني في 2006 و 2007. من جهتهم أيد الأطباء اعتماد قوانين جديدة من شأنها منع المواطنين من الشرب في الشوارع، خاصة أن السماح بالشرب في الشوارع يشجع علي زيادة الاستهلاك، وفي سبيل ذلك كشف الأطباء عن عدة احصاءات جديدة عن الأضرار الصحية الناجمة عن تعاطي الكحول منها دخول أكثر من 5000 - ممن هم تحت السادسة عشرة - المستشفيات من كل الفئات العمرية خلال العقد الماضي والذي قدرته الإحصائيات بحوالي 89.0280 شخص في 1996 وارتفع ليصبح 187.640 شخص عام 2006. وتباينت ردود أفعال الرأي العام، إذ يري فريق أن تناول الكحول في الشوارع والأماكن العامة يؤدي للعنف والانحلال والشذوذ، وآخر يري أن منع تناول الكحول في الأماكن العامة فيه نوع من التعدي علي الحريات الشخصية خاصة مع إغلاق الحانات في وقت مبكر ويرون أن فكرة وضع قيود علي شرب الخمور بدعوي أن ذلك سيؤدي إلي خسارة «ثقافة المقهي» التي تشتهر بها المملكة المتحدة منذ قرون كما أن ذلك سيؤدي لخراب الحانات وإضعاف صناعة تدر الملايين علي البلاد. في المقابل اعتبر الدكتور إبان تومبسون الباحث بمركز العلوم الصحية إن القوانين لن تؤثر علي ثقافة المقهي كما لن تؤثر علي الصناعة بالشكل الكبير لأنها لن تتضمن سوي منع تناول الكحول في الشوارع للسيطرة علي مشكلة العنف والاعتداءات، وربما حوادث القتل، الناجمة عن تعاطي الكحول في الشوارع وهو الأمر الذي يجعل الشوارع أكثر خطورة خاصة ليلة الأحد. وفي دراسة شملت 12.000 مراهق بريطاني تتراوح أعمارهم من 14 - 17 عامًا، اعترف أغلبهم بتناول الكحول مرة واحدة اسبوعيا، بينما اعترف نصفهم بأن تناول الكحول يفقدهم السيطرة علي أنفسهم ويجعلهم أكثر عنفا، كذلك قال أحدهم أنه يضطر لاستخدام بطاقات هوية مزيفة لتزييف عمره الحقيقي للحصول علي المشروبات الكحولية بينما أبدي 22% ندمه علي ممارسة الجنس بسبب السكر، واعترف 15% بقيادته السيارة وهي في حالة سكر. وبينما تعمل بريطانيا علي اقتراح مشروع قانون للحد من تناول الكحول، تخطط إسبانيا أيضا لحظر الشرب في الشوارع، بينما منعت تركيا تناول الكحول في مراكز المدن، وفي الولاياتالمتحدة يختلف الأمر من ولاية لأخري إلا أن ولاية لويزيانا هي الأكثر تشددا إذ منعت المطاعم الحانات من عرض ماركات المشروبات لتكون ظاهرة في الشوارع.