يقف الباحث رفيق حبيب مجسدا حالة مثيرة للجدل في أوساط النخب السياسية، بسبب علاقته الوثيقة بجماعة الإخوان المحظورة، وهي العلاقة التي ألبت ضده كثيرًا من المراقبين، ليس لكونه مسيحيا يؤيد كثيرًا من مواقف الجماعة وأوضاعها المخالفة للقانون وقواعد السياسة معا، بل محاولة وضعها في أطر نظرية تضفي عليها نوعا من الوجاهة، ما جعل الجماعة تعتمد عليه ك"بروش" يجمل وجهها أمام المجتمع. كتب رفيق مقالا نشرته الجماعة معارضا مطلب عدد كبير من القيادات بتعديل اللائحة الداخلية للجماعة بهدف الفصل بين سلطات مكتب الإرشاد ومجلس شوري الجماعة. اتخذ فريق المحافظين الذي يسيطر علي الجماعة منذ انقلاب 9 يناير الماضي المسمي بانتخابات مكتب الإرشاد مما كتبه رفيق حبيب ردا علي مطالب ابراهيم الزعفراني القيادي السكندري بتعديل اللائحة فاقصوه من عضوية مجلس شوري الجماعة وجمدوا عضوية هيثم ابو خليل احد المقربين منه، فكتب الزعفراني مهاجما رفيق ولهذا كانت مواجهتنا مع الباحث المثير للجدل وهذه تفاصيلها: ما تعليقك علي الهجوم الذي يشنه ضدك عدد من قيادات جماعة الإخوان المحظورة علي رأسهم السكندري ابراهيم الزعفراني؟ - لا أعلق علي أفراد وإنما أعلق علي موضوعات. ولماذا في هذا التوقيت تحديدا؟ - الهجوم علي مستمر والاطراف التي تتبناه هي التي تتغير، أما اسبابه فهي تتعلق بحسابات سياسية احيانا أو لتعقيد في العلاقات في احيان اخري. هل يري الزعفراني انك كنت سببا في اقصائه من مجلس شوري الجماعة؟ - ما جري مع الزعفراني هو صراع اطراف وأجنحة داخل الجماعة لا علاقة لي به، لم اكن طرفا فيه ولن اكون، انا اكتب فقط ما اقتنع به، البعض يظن اني اعمل مع فريق ضد فريق آخر وهذا غير صحيح. لماذا إذا دافعت عن عدم تغيير اللائحة وبقاء الخلط بين سلطات مجلس شوري الجماعة ومكتب ارشادها؟ - الرؤي التي يطرحها الباحثون في هذا الأمر هي خيارات بين صواب وأصوب منه وليس بين حق وباطل ومن يمارسون العمل هم الاقدر علي تحديد الخيار الافضل وما قلته هو ان الجماعة بشكلها الحالي اقرب إلي الجمعية الاهلية من شكل الدولة وبالتالي لابد ان يكون قياسها علي الجمعيات لا علي شكل الدولة.. الفيصل في الحكم هنا هو الممارسة. ولكن الجماعة تقدم نفسها للرأي العام علي ان لديها بديلاً للنظام القائم. - التعريف العلمي الاقرب لتوصيف الجماعة هو انها حركة اجتماعية أو جماعة ضغط وهذه الجماعات عبارة عن مؤسسات قد تكون مركزية أو تكون لها فروع في المحافظات. المتابع لخطاب الجماعة يري انها تقدم نفسها علي انها اكبر من جمعية اهلية؟ - وجهة نظري ان الصيغة الافضل للجماعة إذا توافرت الحرية هي ان تنشئ جمعية اهلية تمارس من خلالها معظم نشاطها وان تؤسس حزبا سياسيا تمارس من خلاله العمل السياسي لان البيئة القانونية المصرية تحتم ذلك. انت تعطيها بذلك الشماعة التي تعلق عليها بقاء الوضع الملتبس؟ - يجب ان نقر بعدم وجود حرية حقيقية لتأسيس الأحزاب في مصر بدليل استمرار رفض حزبي الوسط والكرامة واي حزب للاخوان سيرفض كما ان السلطة من خلال مؤسساتها المختلفة يمكنها حل الأحزاب. ولكن الجماعة عندما تحدثت عن برنامج حزب تفجرت الخلافات داخلها.. ثم لماذا لا تحرج الجماعة الدولة بتقديم البرنامج؟ - هي حسابات تخص الجماعة فالدولة تتعامل معها بصفتها كيانًا غير شرعي وبالتالي فنتيجة التقدم بمثل هذا البرنامج قد تكون ضربة امنية قوية للجماعة علي غرار التي وقعت في اعقاب تقديم برنامج حزب الوسط. انت كنت من الرافضين لتولي المرأة والقبطي رئاسة الجمهورية رغم التراث الفقهي الذي ميز بوضوح بين الولاية العامة ورئاسة الدولة؟ - البعض يتصور اني ايدت حرمان غير المسلم من رئاسة الجمهورية وهي استنتاجات في غير محلها والجماعة أعلنت رأيها هي وليس موقفي أنا، ولا أعلم من اين جاءت هذه الاقوال. ربما هي معلومة مما جري في المناقشات؟ - في المناقشة عندما عرض علي الأمر قلت لهم إذا كان هذا هو موقف الجماعة فعليكم ان توضحوه في برنامج الحزب لان البعض كان يري ضرورة السكوت عن النقاط الحساسة في البرنامج. هذا نوع من التقية؟ - نعم وقلت لهم ان هذا اضراره اكثر من ايجابياته. خضت تجربة الانضمام إلي حزب الوسط ثم خرجت منه ونسب اليك أنك كنت تتبني آراء فقهية اسلامية اكثر تشددا؟ - وظيفتي أني محاور وباحث وتحاورت مع كثير من التنظيمات والتيارات الدينية من السلف والجماعة الإسلامية والاخوان وحزب العمل، أما حزب الوسط فقد اردت ان انتقل من موقع الباحث إلي المشارك لكي اعلن موقفي المؤيد لهذه التجربة وهو ما حدث خلال التجربتين الأولي والثانية للحزب بعدها وجدت ان من الافضل مواصلة عملي كباحث. أنت متهم بالانحياز لجماعة الإخوان وتبرير مواقفها وتأطير اوضاعها القائمة بما فيها من اخطاء؟ - البعض للاسف لا يستوعب ان يكون الباحث شارحا ومفسرا لظاهرة معينة دون ان يتخذ موقف الحكيم الذي يسدي إلي الاخرين النصح والتوجيه وفق ما يري، وهو منطق مقبول في الغرب تماما، اوتصور اني نجحت في الاقتراب من الظاهرة كثيرا ووصفها وشرحها علي نحو جيد. ولكن الجماعة كثيرا ما تستند إلي كتاباتك في تبرير مواقفها وتوظف آرائك في خدمة التنظيم احيانا؟ - المناخ في مصر غير صحي وبالتالي الناس لديها لبس في كثير من الامور وحديثي عن المشروع الحضاري الاسلامي شأن آخر، وأنا اتعجب من رفض الناس لان اكون باحثا وظيفتي فهم الظاهرة.. أنا امارس عملا فرديا طوعيا. وباعتبارك باحثًا مستقلاً متخصصًا في فهم ظاهرة الإخوان.. ما ابرز اوجه اعتراضك علي وضع الجماعة الحالي؟ - انا امارس العمل البحثي ولا اسأل عن مواقفي السياسية. امتناعك عن الرد يؤكد ما يقال من انك تتقاضي اموالا من الجماعة نظير قيامك بدور "البروش" الذي يزين وجه الجماعة؟ - انا لا أسمح بتوجيه مثل هذا الاتهام إلي. أرجوك لا تتعصب فأنا انقل اليك اتهامات لست انا صاحبها؟ - لا اتلقي أموالاً من الجماعة وعملي فردي طوعي. وهل تري انه من المنطقي ان يكون باحثا مسيحيا كان والده رئيسا للطائفة الانجيلية، ثم يؤيد جماعة تدعو إلي تطبيق فهم مغلوط للشريعة الإسلامية؟ - تأييدي للمشروع الحضاري الاسلامي نابع من قناعتي الخاصة اما الخطأ فيكمن في المناخ الطائفي الذي ساد مصر منذ ثورة يوليو وقسم الناس علي أساس دينهم، فالمسلمون والمسيحيون شركاء في موروث ثقافي واحد، وأستاذنا مكرم عبيد كان يقول أنا مسيحي من حيث الاعتقاد مسلم من حث الثقافة.