يمثل الشيخ يوسف البدري نموذجاً واقعياً للتوظيف الإعلامي للدين.. فهو رجل يحب الشهرة والإعلام. وليس لديه مشكلة في أن يكون السبيل إلي ذلك هو سجن الفنانين وسحل المثقفين بعد إدانتهم طبقاً لقاموسه بالإلحاد والكفر. وهي مفردات يعلم جيداً أنها ذات صدي عند الكثيرين ممن ليس لديهم وعي ديني كاف في ظل انتشار الأمية الدينية التي يسهم في وجودها يوسف البدري بمنهجه المتميز في التكفير. ولا يخفي الشيخ يوسف البدري أفكاره الهدامة، بل ويؤكدها ويصر عليها في شكل من أشكال التهديد للمثقفين والوعيد للمفكرين، وهو الأمر الذي أكده في حواره مع مجلة "آخر ساعة" في 14 يوليو الماضي. يتمسك يوسف البدري بآرائه المتشددة، ويعتبر أن القضايا التي رفعها هي في خدمة الإسلام والوطن، ولا أدري ما هي مبرراته التي تجعله يتوهم أنه بهذا الشكل يدافع عن الإسلام أو يدافع عن مصر؟.. خاصة أن آراءه تأتي علي النقيض من رأي العديد من الشيوخ والفقهاء وفي مقدمتهم شيخ الأزهر الشريف ووزير الأوقاف في العديد من القضايا التي يري أنه وحده علي صواب، مثلما فعل مع وزير الصحة حينما رفع دعوي قضائية ضده لأنه دعا إلي عدم ختان الإناث، ثم جدد الدعوي لإلغاء قانون تجريم ختان الإناث. يتحدث يوسف البدري بسعادة لأنه قام برفع 30 دعوي قضائية ضد من يعتبرهم ملحدين وكفاراً، ويقر أنه لم يندم علي أي منها علي اعتبار أنه يملك الحقيقة المطلقة في تفسير الدين وترجمته إلي أحكام للحسبة. ولقد اعتبر أن أسلوب رفع دعاوي الحسبة هو سبيله الوحيد والنافذة المتاحة له للانتقام من مثقفي مصر ومفكريها. كما وضح أنه يعمل بأسلوب تجميع الملفات علي غرار البوليس السياسي أيام الملكية. تعامل يوسف البدري مع وفاة الراحل د. نصر حامد أبو زيد بأسلوب لا يمت للإنسانية بصلة، ومن قبلها لا يمت لتعاليم الدين الإسلامي ومبادئه كما أعرفها، لقد وصفه بالمرتد بحكم المحكمة، وبالكافر الذي لم يرجع عن كفره حتي مات.. بل وزاد - في شماتة حاول أن ينفيها - بأن تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين.. باطل باطل!. وكأنه وحده يملك صك الاعتراف بالمؤمن، أو توجيه الاتهام بالكفر والإلحاد. ينسي يوسف البدري أو يتناسي أن مصر دولة مؤسسات يحكمها دستور وقانون لا يتنازل عن حرية الرأي والتعبير التي لا يعترف بها البدري وأمثاله ممن سجنوا المجتمع المصري في أحكام وهمية واختزلوا الدين تحت مظلة دينية.. يفترضون أنها صحيح الإسلام. رغم أنها تسيء للإسلام والقرآن الكريم أشد إساءة.. لأنها تدعم نظرية ربط التطرف والإرهاب بالإسلام. بصراحة يستحق يوسف البدري بجدارة لقب شيخ مشايخ حسبة مصر.